المثالي المعروف. وإنّما جاء «كارل ماركس» الى هذا المنطق وتلك الفلسفة فتبنّاها، وحاول تطبيقها على جميع ميادين الحياة، فقام بتحقيقين:
أحدهما: أن فسّر التاريخ تفسيراً مادّياً خالصاً بطريقةٍ ديالكتيكية.
والآخر: زعم فيه أ نّه اكتشف تناقضات رأس المال والقيمة الفائضة التي يسرقها صاحب المال- في عقيدته- من العامل[1]. وأشاد على أساس هذين التحقيقين إيمانه بضرورة فناء المجتمع الرأسمالي، وإقامة المجتمع الشيوعي والمجتمع الاشتراكي الذي اعتبره خطوةً للإنسانية الى تطبيق الشيوعية تطبيقاً كاملًا.
فالميدان الاجتماعي في هذه الفلسفة ميدان صراعٍ بين المتناقضات، وكلّ وضعٍ اجتماعيٍّ يسود ذلك الميدان فهو ظاهرة مادية خالصة منسجمة مع سائر الظواهر والأحوال المادية ومتأ ثّرة بها، غير أ نّه في نفس الوقت يحمل نقيضه في صميمه، وينشب حينئذٍ الصراع بين النقائض في محتواه؛ حتى تتجمّع المتناقضات وتحدث تبدّلًا في ذلك الوضع وإنشاءً لوضعٍ جديد. وهكذا يبقى العراك قائماً حتى تكون الإنسانية كلّها طبقةً واحدة، وتتمثّل مصالح كلّ فردٍ في مصالح تلك الطبقة الموحّدة؛ في تلك اللحظة يسود الوئام، ويتحقّق السلام، وتزول نهائياً جميع الآثار السيئة للنظام الديمقراطي الرأسمالي؛ لأنّها إنّما كانت تتولّد من تعدّد الطبقة في المجتمع، وهذا التعدّد إنّما نشأ من انقسام المجتمع الى منتج وأجير.
وإذن فلا بدّ من وضع حدٍّ فاصلٍ لهذ الانقسام، وذلك بإلغاء الملكية.
وتختلف هنا الشيوعية عن الاشتراكية في الخطوط الاقتصادية الرئيسية؛ وذلك لأنّ الاقتصاد الشيوعي يرتكز:
[1] شرحنا هذه النظريات مع دراسةٍ علميةٍ مفصّلةٍ في كتاب« اقتصادنا».( المؤلّف قدس سره)