علماء الاقتصاد. وكيف يطلب منا أن نصدّق بالاقتصاد الإسلامي ونحن جميعاً نعلم بأنّ بحوث علم الاقتصاد إنّما نشأت وتكاملت خلال القرون الأربعة الأخيرة على يد روّاد الفكر الاقتصادي الأوائل، كآدم سميث، ومن سبقه من التجاريين والطبيعيين.
يقول المنكرون للاقتصاد الإسلامي كلّ هذا ظنّاً منهم بأ نّا ندّعي قيام الإسلام بالبحث العلمي في الاقتصاد.
وأمّا بعد أن نعرف الفرق بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي، وأنّ الاقتصاد الإسلامي مذهب وليس علماً فلا يبقى موضع لكلِّ ذلك القول؛ لأنّ وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام لا يعني تحدّث الإسلام الى الناس عن قوانين العرض والطلب، بل يعني أنّ الإسلام دعا الى تنظيمٍ متميّزٍ للحياة الاقتصادية، وحدّد ما ينبغي أن تقام عليه تلك الحياة من اسسٍ ودعائم.
ويبدو الإيمان بوجود الاقتصاد الإسلامي على هذا الضوء أمراً معقولًا، ولا غرابة فيه.
وسوف لن نبدأ في هذه الحلقة بدراسة تفاصيل الاقتصاد الإسلامي، وحين نأخذ التفاصيل بالبحث والدرس في الحلقات المقبلة سوف نقدّم لك من الكتاب والسنّة الدليل المادّي المحسوس على وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام.
فإنّه لا أدلّ على وجود الشيء من إبرازه للحسّ. وهذا ما تقوم به الحلقات المقبلة، بإذن اللَّه تعالى.
والآن وقبل أن نستدلّ على وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام، بإبرازه، والتعرف على مواطن استخلاصه من الكتاب والسنّة نريد أن نقيم الدليل على وجوده من طبيعة الشريعة الإسلامية، ومفاهيمنا المسبقة عنها، كما سنرى.