كلِّ أزمةٍ واخرى‏، فاذا وجد أنّ الفاصل التأريخي بين كلّ أزمةٍ وسابقتها واحد استطاع أن يحدّد دورة تلك الأزمات، وبالتالي يبحث عن أسبابها والعوامل المؤثِّرة فيها.
وعلى العكس من ذلك المذهب الاقتصادي، فإنّه لا يمكنه أن يقيس الموضوعات التي يعالجها قياساً علمياً؛ لأنّه يدرس تلك الموضوعات من زاوية العدالة، ويحاول إيجاد طريقةٍ للتنظيم وفقاً لمقتضيات العدالة. ومن الواضح أنّ العدالة تختلف عن حرارة الماء وغليانه، وعن الأزمات الاقتصادية ودورتها؛ لأ نّها ليست من الظواهر الكونية أو الاجتماعية التي تقبل الملاحظة الموضوعية، والقياس العلمي، وأساليب التجربة المتعارفة في العلم.
ففي المذهب الاقتصادي لا يكفي أن نطلّ برؤوسنا على الواقع ونلاحظ الأحداث ملاحظةً علميةً لنعرف ما هي العدالة في التنظيم؟ كما يطلّ العالم الاقتصادي ويدرس الأزمات الاقتصادية ليعرف دورتها وقانونها.
ولنأخذ العدالة في التوزيع مثلًا على ذلك، فهناك من يقول: إنّ العدالة في التوزيع تتحقّق في نظامٍ يكفل المساواة بين أفراد المجتمع في الرزق والثروة.
وهناك من يعتبر المساواة بين أفراد المجتمع في الحرّية بدلًا عن الرزق هي الأساس العادل للتوزيع، وإن أدّت ممارسة الأفراد لحقِّهم في الحرّية الى اختلافهم في الرزق وزيادة ثروة بعضهم على ثروة الآخرين ما دام الآخرون يتمتّعون بنفس الحرّية الممنوحة للجميع بدرجةٍ واحدة.
وهناك من يرى عدالة التوزيع تتحقّق في ضمان مستوىً عامٍّ من الرزق للجميع، ومنح الحرّية لهم خارج حدود ذلك المستوى، كما يصنع الإسلام.
فاذا أردنا أن نعرف ما هو طريق تحقيق العدالة في التوزيع، هل هو التسوية