المشروعين بإنتاج ساعة كاملة. وأمّا في المشروع الآخر فيقسّم العمل ويوكل الى كلّ عاملٍ نوع واحد من العمليات التي يتطلّبها إنتاج الساعة. فهو يكرّر هذا النوع الواحد من العملية باستمرار، دون أن يمارس العمليات الاخرى، التي تمرّ بها الساعة خلال إنتاجها.
إنّ البحث العلمي في الاقتصاد يدرس هذين المشروعين وطريقتيهما المختلفتين، وأثر كلٍّ منهما على الإنتاج وعلى العامل.
وهكذا يدرس علم الاقتصاد أيضاً كلّ ما يرتبط بالإنتاج الاقتصادي من قوانين طبيعية، كقانون تناقص الغلّة في الإنتاج الزراعي القائل: إنّ نسبة زيادة الإنتاج الزراعي من الأرض تقلّ عن نسبة زيادة النفقات[1].
كلّ هذا يدرسه علم الاقتصاد؛ لأنّه يعبِّر عن اكتشاف الحقائق على الصعيد الاقتصادى، كما تجري، ويحدّد العوامل التي تؤثّر بطبيعتها على الإنتاج تأثيراً موافقاً أو معاكساً.
وأمّا المذهب فهو يبحث الامور التالية:
[1] بمعنى أنّ الشخص الذي يُنفق مئة دينارٍ على استثمار أرضه، ويحصل منها على عشرين أردباً من القمح، لو أراد أن يضاعف النفقات، فأنفق على الأرض مئتين بدلًا من مئة دينارٍ لم يحصل على ضعف الناتج السابق. أي أ نّه لا يظفر بأربعين أردباً من القمح، بل يحصل على أقلّ من الضعف. ولو أنفق ثلاثمائةٍ لم يحصل على ثلاثة أضعافٍ من القمح، بل على زيادةٍ أقلّ نسبياً من الزيادة التي يحصل عليها بإنفاق مئتين. وهكذا تظلّ الزيادة الناتجة عن مضاعفة النفقات تتناقض نسبياً حتى تنعدم نهائياً ويعود الإنفاق عبثاً باطلًا.
وسبب هذا: أنّ الأرض نفسها هي عامل أساسيّ في الإنتاج، فمضاعفة النفقات لا تكفي لمضاعفة الإنتاج ما دامت كمّية العامل الأساسي في الإنتاج- أي الأرض- ثابتةً لم تضاعف.( المؤلف قدس سره)