زاد الطلب عليها؟
إنّ المذهب لا يصنع شيئاً من ذلك، وليس من حقّه هذا؛ لأنّ اكتشاف النتائج والأسباب، وصياغة الواقع في قوانين عامة تعكسه وتصوّره من حقّ العلم بما يملك من وسائل الملاحظة والتجربة والاستنتاج.
وإنّما يتناول المذهب حرّية السوق؛ ليقوِّم هذه الحرّية ويقوّم ما تسفر عنه من نتائج، وما تؤدّي اليه من ربط الثمن بكمّية الطلب الذي يغزو السوق.
ونعني بتقويم الحرّية وتقويم نتائجها: الحكم عليها من وجهة نظر المذهب إلى العدالة. فإنّ كلّ مذهبٍ اقتصاديٍّ له تصوراته العامة عن العدالة. ويرتكز تقويمه لأيِّ منهجٍ من مناهج الحياة الاقتصادية على أساس القدر الذي يجسّده ذلك المنهج من العدالة وفقاً لتصوّر المذهب لها.
فحرّية السوق اذا بُحِثت على الصعيد المذهبي فلا تُبحَث باعتبارها ظاهرةً موجودةً في الواقع لها نتائجها وقوانينها العلمية، بل بوصفها منهجاً اقتصادياً يراد اختبار مدى توفّر العدالة فيه.
فالسؤال القائل: ما هي نتائج السوق الحرّة؟ وكيف يرتبط الثمن بكمّية الطلب فيها؟ ولماذا يرتبط أحدهما بالآخر؟ يجيب عليه علم الاقتصاد.
والسؤال القائل: كيف ينبغي أن تكون السوق؟ وهل أنّ حرّيتها كفيلة بتوزيع السلع توزيعاً عادلًا، وإشباع الحاجات بالصورة التي تفرضها العدالة الاجتماعية؟ إن هذا السؤال هو الذي يجيب عليه المذهب الاقتصادي.
وعلى هذا الأساس فمن الخطأ أن نترقّب من أيّ مذهبٍ اقتصاديٍّ أن يشرح لنا مدى ارتباط الثمن بكمّية الطلب في السوق الحرّة، وقوانين العرض والطلب التي يتحدّث عنها علماء الاقتصاد في دراستهم لطبيعة السوق الحرّة.