وهذا النوع من التحديد للاقتصاد الإسلامي يجعلنا نواجه مسألة التمييز بين المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد، فما دام الاقتصاد الإسلامي مذهباً اقتصادياً، وليس علماً للاقتصاد فيجب أن نعرف بوضوحٍ أكبر ما معنى المذهب الاقتصادي؟ وما معنى علم الاقتصاد؟ وما هي معالم التمييز بينهما؟ وما لم يتّضح ذلك وضوحاً كافياً مدعماً بالأمثلة فسوف تظلّ هوية الاقتصاد الإسلامي مكتَنَفةً بالغموض.
إنّنا حين نصف شخصاً بأ نّه مهندس وليس طبيباً يجب أن نعرف معنى المهندس، وما هي وظيفته وثقافته؟ وما هو نوع عمله؟ وبماذا يفترق عن الطبيب لكي نتأكّد من صدق الوصف على ذلك الشخص وكونه مهندساً حقّاً لا طبيباً؟
وكذلك حين يقال: إنّ الاقتصاد الإسلامي مذهب اقتصادي وليس علماً للاقتصاد يجب أن نفهم معنى المذهب الاقتصادي بصورةٍ عامة، والوظيفة التي تمارسها المذاهب الاقتصادية وطبيعة تكونها، والفوارق بين المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد؛ لكي نستطيع أن نعرف في ضوء ذلك هوية الاقتصاد الإسلامي، وكونه مذهباً اقتصادياً لا علماً للاقتصاد.
وفي عقيدتي أنّ إيضاح هوية الاقتصاد الإسلامي على أساس التمييز الكامل بين المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد، وإدراك أنّ الاقتصاد الإسلامي مذهب وليس علماً، إنّ هذا الإيضاح سوف يساعدنا كثيراً على إثبات الدعوى- أي إثبات وجود اقتصادٍ في الإسلام- وينقض المبرّرات التي يستند اليها جماعة ممّن ينكرون وجود الاقتصاد في الإسلام، ويستغربون من القول بوجوده.
وعلى هذا الأساس سوف نقوم بدراسةٍ للمذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد بصورةٍ عامّةٍ وللفوارق بينهما.