الأكثرية.

ونستخلص من ذلك: أنّ الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية لا تأخذ مجراها في الحقل السياسي حتى تبدأ تتناقض وتصطدم بالواقع، وتتّجه الى لونٍ من ألوان الاستبداد والفردية في الحكم، يتمثّل على أفضل تقديرٍ في حكم الأكثرية للأقلّية.

والإسلام لا يؤمن بهذه الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية؛ لأنّه يقوم على العقيدة بعبودية الإنسان للَّه، وأنّ اللَّه وحده هو ربّ الإنسان ومربّيه، وصاحب الحقّ في تنظيم منهاج حياته‏ «… أَ أَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ* … إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ …»[1].

وينعى‏ على الأفراد الذين يسلِّمون زمام قيادهم للآخرين، ويمنحونهم حقّ الإمامة في الحياة والتربية والربوبية «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ …»[2].

فليس لفردٍ ولا لجموعٍ أن يستأثر من دون اللَّه بالحكم، وتوجيه الحياة الاجتماعية ووضع مناهجها ودساتيرها.

وفي هذا الضوء نعرف أنّ تحرير الإسلام للإنسان في المجال السياسي إنّما يقوم على أساس الإيمان بمساواة أفراد المجتمع في تحمّل أعباء الأمانة الإلهية، وتضامنهم في تطبيق أحكام اللَّه تعالى‏:

«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»[3].

فالمساواة السياسية في الإسلام تتّخذ شكلًا يختلف عن شكلها

 

[1] يوسف: 39- 40

[2] التوبة: 31

[3] بحار الأنوار 75: 38