فقد نفهم من هذا الحديث إذا كان صحيحاً أنّ حكم الخليفة كان سياسيّاً موقّتاً، وأنّ موقفه كان ضرورةً من ضرورات الحكم في تلك الساعة الحرجة، وإلّا فلِمَ أهملَ عمر بن الخطّاب رواية الخليفة وطرحها جانباً وسلّم فدك إلى العبّاس وعليّ، وموقفه منهما يدلّ على أ نّه سلّم فدك إليهما على أساس أ نّها ميراث رسول اللَّه لا على وجه التوكيل، إذ لو كان على هذا الوجه لما صحّ لعليٍّ والعبّاس أن يتنازعا في أنّ فدك هل هي نحلة من رسول اللَّه لفاطمة، أو تركة من تركاته التي يستحقّها ورثته؟ وما أثر هذا النزاع لو فُرض أ نّها في رأي الخليفة مال للمسلمين وقد وكّلهما في القيام عليه؟ ولفضَّ عمر النزاع وعرّفهما أ نّه لا يرى فدك مالًا موروثاً ولا من أملاك فاطمة، وإنّما أوكل أمرها إليهما لينوبا عنه برعايتها وتعاهدها. كما أنّ عدم حكمه بفدك لعليٍّ وحده معناه أ نّه لم يكن واثقاً بنحلة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فدك لفاطمة، فليس من وجهٍ لتسليمها إلى عليّ والعبّاس إلّا الإرث.
وإذن ففي المسألة تقديران:
أحدهما: أنّ عمر كان يتّهم الخليفة بوضع الحديث في نفي الإرث.
والآخر: أ نّه تأوّله وفهم منه معنىً لا ينفي التوريث ولكن لم يذكر تأويله، ولم يناقش به أبا بكر حينما حدّث به، وسواء أصحّ هذا أو ذاك فالجانب السياسي في المسألة ظاهر، وإلّا فلماذا يتّهم عمر الخليفة بوضع الحديث إذا لم يكن في ذلك ما يتّصل بسياسة الحكم يومئذٍ؟ ولماذا يخفي تأويله وتفسيره، وهو الذي لم يتحرّج عن إبداء مخالفته للنبيّ أو الخليفة الأوّل في ما اعترضهما من مسائل؟!
وإذا عرفنا أنّ الزهراء نازعت في أمر الميراث بعد استيلاء الحزب الحاكم عليه؛ لأنّ الناس لم يعتادوا أن يستأذنوا الخليفة في قبض مواريثهم أو في تسليم