من صدقات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، يعني بها تلك الأموال التي طالبت بها الزهراء، ورأى معنى مطالبتها بها تغييرها عن حالها السابقة، ومعنى تسميته لها بصدقات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنّ من رأيه أ نّها ليست ملكاً للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بل من صدقاته التي كان يتولّاها في حياته. ويوضّح لنا هذا أنّ استدلاله بالحديث في صدر كلامه لم يكن لإثبات أنّ أملاك النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لا تورث، وإنّما أراد بذلك توضيح أنّ الأموال القائمة ليست من أملاك النبيّ؛ لأنّه صلى الله عليه و آله و سلم ذكر أ نّها صدقة.
2- ونستطيع أن نتبيّن من بعض روايات الموضوع أنّ الخليفة ناقش في توريث الأنبياء لأملاكهم ولم يقصر النزاع على الناحية السابقة، فإنّ الرواية التي تحدّثنا بخطبة الزهراء واستدلال أبي بكر بما رواه عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم من حديث:
«إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث …» واعتراض الزهراء عليه بالآيات العامّة المشرّعة للميراث والآيات الخاصة الدالة على توريث بعض الأنبياء تكشف عن جانب جديد من المنازعة، إذ ينكر أبو بكر توريث النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم لأمواله، ويستند إلى الحديث في ذلك، ويلحُّ في الإنكار كما تلحّ فاطمة في مناقشته والتشبّث بوجهة نظرها في المسألة.
3- وإذن فللخليفة حديثان:
الأوّل: لا نورّث، ما تركناه صدقة[1].
والثاني: إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة[2].
وقد ادّعى أمرين:
أحدهما: أنّ فدك صدقة فلا تورّث.
[1] شرح نهج البلاغة 16: 218، وراجع سنن البيهقي 6: 300- 301
[2] شرح نهج البلاغة 16: 252