هذا التفسير؛ لأنّ ذكر الذهب والفضة والعقار والدار مع أ نّها من مهمّات التركة لا يتّفق مع تفسير الحديث بأنّ التركة لا تورّث؛ لأنّ اللازم ذكر أتفه الأشياء لبيان عموم الحكم بعدم الإرث لسائر مصاديق التركة. كما إنَّا إذا أردنا أن نوضّح عدم إرث الكافر لشيء من تركة أبيه لم نقل: إنّ الكافر لا يرث ذهباً ولا فضّة ولا داراً وإنّما نقول: إنّه لا يرث تمرة واحدة من تركة الميّت.
وبتعبير واضح أنّ الاهتمام بتوضيح عموم الحكم لكلّ أقسام التركة يقتضي التصريح ببعض أقسام المال الذي قد يتوهّم متوهّم عدم اندارجه في التركة التي لا تورث. وقولنا «الأنبياء لا يورّثون» أو «إنّ الكفّار لا نصيب لهم من تركة آبائهم» يدلّ أوّل ما يدلّ على عدم انتقال الدار والعقار والذهب والفضة وغيرها من نفيس التركة ومُهمِّها. فذكر هذه الامور في الحديث يرجّح أنّ المقصود بنفي توريث الأنبياء بيانَ زهدهم وعدم اهتمامهم بالحصول على نفائس الحياة المحدودة التي يتنافس فيها المتنافسون؛ لأنّ المناسب لهذا الغرض ذكر الأموال المهمّة التي تكون حيازتها وتوريثها منافياً للزهد والمقامات الروحية العليا. وأمّا الإخبار عن عدم التوريث في الشريعة فاللائق به ذكر التوافه من التركة دون أقسامه الواضحة المهمّة.
7- وأمر آخر يشهد لما ذكرناه من التفسير وهو الجملة الثانية الإيجابية في الحديث، أي جملة: «ولكنّا نورّث الإيمان والحكمة والعلم والسُنّة»[1]، فإنّها لا تدلّ على تشريع وراثة هذه الامور، بل على توفّرها في الأنبياء إلى حدٍّ يؤهّلهم لنشرها وإشاعتها بين الناس. فقد نفهم حينذٍ أنّ المراد بالجملة الاولى التي نفت التوريث بيان أنّ الأنبياء لا يسعون للحصول على الذهب والعقار ونحوهما،
[1] شرح نهج البلاغة 16: 214