زوجها هو المعلن الأوّل- عن التشكيلات الحزبية للجماعة الحاكمة واتّهمتها بالتآمر السياسي، ثمّ تبعها على ذلك جملة من معاصريها كأمير المؤمنين (صلوات اللَّه عليه) ومعاوية بن أبي سفيان، كما عرفنا سابقاً.
ومادام هذا الحزب الذي تجزم بوجوده الزهراء ويشير إليه الإمام ويلمّح إليه معاوية هو الذي سيطر على الحكم ومقدّرات الامّة، وما دامت الاسر الحاكمة بعد ذلك التي وجّهت جميع مرافق الحياة العامّة لخدمتها قد طبّقت اصول تلك السياسة وعناصر ذلك المنهج الحزبي الذي دوّخ دنيا الإسلام، فمن الطبيعي جدّاً أن لا نرى في التأريخ أو على الأقل التأريخ العام صورة واضحة الألوان لذلك الحزب الذي كان يجتهد أبطاله الأوّلون في تلوين أعمالهم باللون الشرعي الخالص الذي هو أبعد ما يكون عن الألوان السياسية والاتفاقات السابقة.
قالت: «فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم «1»، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لمّا يندمل، والرسول لمّا يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة «أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ»» «2».
«أمَا لعمر اللَّه لقد لقحت فنظرة ريثما تحلب ثمَاحتلبوها طلاع القعب دماً عبيطاً، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غبّ ما أسّس الأوّلون، ثمّ طيبوا عن أنفسكم نفساً وأبشروا بسيفٍ صارم وهرجٍ شامل واستبدادٍ من الظالمين يدع فيئكم زهيداً وجمعكم حصيداً، فيا حسرة عليكم» «3».
لئن كان الصدِّيق وصاحباه يشكّلون حزباً ذا طابع خاصّ فمن العبث أن