وقد بسطت الجهود التحقيقيّة ذراعيها على كلّ ما أمكن
العثور عليه من نتاجات هذا العالم الجليل، فشملت: كتبه، وما جاد به قلمه مقدمةً أو خاتمةً لكتب غيره ثم طُبع مستقلًاّ في مرحلة متأخرة، ومقالاته المنشورة في مجلّات فكريّة وثقافيّة مختلفة، ومحاضراته ودروسه في موضوعات شتّى، وتعليقاته على بعض الكتب الفقهيّة، ونتاجاته المتفرّقة الاخرى، ثمّ نُظّمت بطريقة فنيّة واعيد طبعها في مجلّدات أنيقة متناسقة.
ثمّ إنّ هذا المجلّد الذي بين يدي القارئ الكريم يشتمل على ثلاث كتب من آثاره القيّمة، وهي:
أوّلًا: «فدك في التاريخ» وهو من أروع وأعمق ما كتب في دراسة قضيّة «فدك» التي تعدّ إحدى المناطق الحرجة في التاريخ الإسلامي والتي تراكمت على ظلالها العواطف المتضادّة.
ولقد شقّ الكاتب قدس سره طريقه وسط تلك الضبابيّة بعد أن أبان معالم المنهج العلمي للبحث التاريخي وحدّد دائرة المسؤوليّة لكلّ من يتصدّى لذلك، وكان موفّقاً للغاية في معالجته هذه.
وممّا يثير مكامن الإعجاب أنّ السيّد الشهيد قدس سره كان قد أعدّ هذه الدراسة وهو في أواسط العقد الثاني من عمره الشريف، إذ طبع هذا الكتاب لأوّل مرّة عام 1374 ه وعمره وقتئذٍ واحد وعشرون عاماً، وقد صرّح في مقدّمته أ نّه ظلّ مخطوطاً عنده
لعدّة سنين.
وثانياً: «التشيّع والإسلام» الذي كتبه سماحة المؤلّف الشهيد قدس سره مقدّمةً لكتاب «تاريخ الشيعة الإماميّة وأسلافهم» للدكتور عبد اللَّه فيّاض رحمه الله (1335- 1404) وقد طبع مستقلًا بعناوين مختلفة، لكنّا اخترنا هذا العنوان لتصريح السيّد الشهيد رحمه الله به في رسالةٍ وجّهها إلى مترجم الكتاب باللغة الفارسيّة المرحوم حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ علي حجّتي كرماني.
وقد أخذت لجنة التحقيق بعين الاعتبار ما وجدته في بعض طبعات هذا الكتاب من إضافات مهمّة حصلت على يد المؤلّف رحمه الله إثر اطلاعه على ملاحظات بعض القرّاء في ذاك العهد فأجاب عليها ضمن تلك الإضافات.
وثالثاً: «بحث حول المهدي (عج)»، كتبه السيّد الشهيد قدس سره مقدّمةً لكتاب «موسوعة الإمام المهدي (عج)» للشهيد السعيد آية اللَّه السيّد محمّد الصدر قدس سره. وقد طبع بعد ذلك بصورة مستقلّة.
ولم يشذّ هذا التأليف عن سائر كتب الشهيد قدس سره، فهو على صغر حجمه قد تضمّن الإجابة المنطقيّة الكافية على أهمّ ما تواجه فكرة الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه من أسئلة وإبهامات.
ولا يفوتنا أن نشيد بالموقف النبيل لورثة السيّد الشهيد
كافّة سيّما نجله البارّ (سماحة الحجّة السيّد جعفر الصدر حفظه اللَّه) في دعم المؤتمر وإعطائهم الإذن الخاصّ في نشر وإحياء التراث العلمي للشهيد الصدر قدس سره.
وأخيراً نرى لزاماً علينا أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى اللجنة المشرفة على تحقيق تراث الإمام الشهيد، والعلماء والباحثين كافّة الذين ساهموا في إعداد هذا التراث وعرضه بالاسلوب العلمي اللائق، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يتقبّل جهدهم، وأن يمنّ عليهم وعلينا جميعاً بالأجر والثواب، إنّه سميع مجيب.
المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر قدس سره
أمانة الهيئة العلميّة