بعضهم حوله.
وأكبر الظنّ أنّ قوله وقع من أكثرهم موقع الاستغراب والتكذيب، وحاول جماعة منهم أن يجادلوه في رأيه، ولكنّه بقي شديداً في قوله ثابتاً عليه، والناس يتكاثرون حوله ويتكلّمون في شأنه ويعجبون لحاله، حتّى جاء أبو بكر، وكان حين توفّي النبيّ في منزله بالسُّنح، والتفت إلى الناس وقال: من كان يعبد محمّداً فإنّه قد مات، ومن كان يعبد اللَّه فإنّه حيّ لا يموت. قال اللَّه تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ»[1]، وقال: «أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ»[2]، ولمّا سمع عمر ذلك أذعن واعترف بموت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وقال: كأ نّي سمعتها- يعني الآية-[3].
ونحن لا نرى في هذه القصّة ما يراه كثير من الباحثين من أنّ الخليفة كان بطل ذلك الظرف العصيب، والرجل الذي تهيّأت له معدّات الخلافة بحكم موقفه من رأي عمر؛ لأنّ المسألة ليست من الأهمّية بهذا الحدّ، ولم يحدّثنا التأريخ عن شخصٍ واحدٍ انتصر لعمر في رأيه، فلم يكن إلّارأياً شخصيّاً لا خطر له ولا شأن للقضاء عليه.
وقد يكون من حقّ البحث أن الاحظ أنّ شرح الخليفة لحقيقة الحال في خطابه الذي وجّهه إلى الناس كان شرحاً باهتاً في غير حدٍّ، لا يبدو عليه من مشاعر المسلمين المتحرّقة في ذلك اليوم شيء، بل لم يزد في بيان الفاجعة الكبرى على أن قال: إنّ من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات.
[1] الزمر: 30
[2] آل عمران: 144
[3] تأريخ الطبري 2: 232- 233