الذي رآه دالّاً على نفي توريث التركة النبويّة واطمئنانه إلى سماع ذلك من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وثباته عليه. ويمكننا فهم ذلك ممّا تحدِّثنا به الروايات[1] من أنّ الخليفة سلّم فدك للحوراء وكاد الأمر أن يتمّ لو لا أن دخل عمر وقال له: ما هذا؟
فقال له: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها، فقال: ماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى. ثمّ أخذ الكتاب فشقّه. ونحن ننقل هذه الرواية في تحفّظ وإن كنّا نستقرب صحّتها؛ لأنّ كلّ شيء كان يشجّع على عدم حكاية هذه القصّة لو لم يكن لها نصيب من الواقع، وإذا صحّت فهي تدّل على أنّ أمر التسليم وقع بعد الخطبة الفاطمية الخالدة ونقل الخليفة لحديث نفي الإرث عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؛ لأنّ حروب الردّة التي أشار إليها عمر في كلامه ابتدأت بعد يوم السقيفة بعشرة أيام[2]، وخطبة الزهراء قد كانت في اليوم العاشر أيضاً كما سبق[3].
2- وقد أظهر الخليفة الندم في ساعة وفاته على عدم تسليم فدك لفاطمة[4]، وقد بلغ به التأثّر حيناً أن قال للناس وقد اجتمعوا حوله: أقيلوني بيعتي. وندرك من هذا أنّ الخليفة كان يطوي نفسه على قلق عظيم مردّه إلى الشعور بنقص مادّي
[1] ذكره سبط ابن الجوزي كما في السيرة الحلبية 3: 488، شرح نهج البلاغة 16: 234
[2] راجع مروج الذهب 2: 300
[3] ولعلّ هذا يضعّف من شأن الرواية؛ لأنّ الخليفة لو كان مستعدّاً للتراجع لأجاب الزهراء إلى ما تطلب في المسجد حينما خطبت وأسمعته من التأنيب والتقريع الشيء الكثير.( المؤلّف قدس سره)
[4] رواه الطبري( 2: 353)، كما في الصفحة 18 من سموّ المعنى في سموّ الذات للُاستاذ الكبير الشيخ عبد اللَّه العلايلي.( المؤلّف قدس سره)