الكاملة التي هي غاية العقول في طيرانها الفكري والشوط الأخير للطواف الإنساني حول الحقيقة المقدّسة الذي يستقرّ عنده الضمير وتطمئنّ إليه الروح؟)[1].
فهو إذن المربّي الأكبر للروح، والقائد الفريد الذي سجّلت المعنويات الروحية تحت رايته انتصارها الخالد على القوى المادّية فيمعركتهما القائمة منذ بدأ العقل حياته في وسط المادّة.
ومادام هو بطل المعركة الفاصلة بين الروحية والمادّية الذي خُتمت برسالته رسالات السماء فلا غَرْوَ أن يكون محور ذلك العالم الروحي الجبّار، وهذا ما شاءت أن تقوله الزهراء حين قالت تصف الفردوس المحمّدي: «فمحمّد عن تعب هذه الدنيا في راحة، قد حُفَّ بالملائكة الأبرار»، فهو القطب أبداً في الدنيا والآخرة، غير أ نّه في الاولى متعب؛ لأنّه القطب الذييجاهد ليقيم دورة الحياة الإنسانية عليه على اسلوبٍ خالد. وفي الاخرى مرتاح؛ لأنّه المحور الذي يكهرب الحياة الملائكيّة بنوره، فتحفّ به الملائكة لتقدّم بين يديه آيات الحمد والثناء.
وما دام النبيّ صلى الله عليه و آله من الطراز الأسمى فلتكن جنّته على غراره مِلؤها الترف المادي، بل هي في أوضح معانيها الترف المعنوي إن صحَّ التعبير، وأيّ ترفٍ روحيٍّ أسمى من مجاورة المَلِك الجبّار والظفر برضوان الربّ الغفّار.
وهكذا وصفت الزهراء جنةَ أبيها في جملتين، فإذا به القطب المتّصل بمبدأ النور، والشمس التي تحيط بها الملائكة في دنيا النور.
[1] نقلنا هذه الجملة عن كتابنا« العقيدة الإلهية في الإسلام».( المؤلّف قدس سره)