تفضيل المنهج الموضوعي في التفسير
الآن نعود إلى التفسير بما ذكرناه من أوجه الاختلاف بين التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي. تبينت عدّة أفضليات تدعو إلى تفضيل المنهج الموضوعي في التفسير على المنهج التجزيئي في التفسير، فإنّ المنهج الموضوعي في التفسير على ضوء ما ذكرناه يكون أوسع افقاً وأرحب وأكثر عطاءً، باعتبار أ نّه يتقدّم خطوة على التفسير التجزيئي كما أ نّه قادر على التجدّد باستمرار، على التطوّر والإبداع باستمرار، باعتبار أنّ التجربة البشرية تغني هذا التفسير بما تقدّمه من مواد، ثمّ هذه المواد تطرح بين يدي القرآن الكريم لكي يستطيع هذا المفسّر أن يحصّل الأجوبة من القرآن الكريم. هذا هو الطريق الوحيد للحصول على النظريات الأساسية للإسلام وللقرآن تجاه موضوعات الحياة المختلفة.
وقد يقال بأ نّه ما الضرورة إلى تحصيل هذه النظريات الأساسية؟
ما الضرورة إلى أن نفهم نظرية الإسلام في النبوّة مثلًا بشكل عام؟ أن نفهم نظرية الإسلام في سنن التاريخ وفي التغيّر الإجتماعي بشكل عام؟ أن نفهم سنن الإسلام في الاقتصاد الإسلامي بشكل عام؟ أن نفهم مفهوم الإسلام عن السماوات والأرض؟ ما الضرورة إلى أن ندرس ونحدّد هذه النظريات، فإنّنا نجد بأنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يعطِ هذه النظريات على شكل نظريات محدّدة وبصيغ عامة، وإنّما أعطى القرآن بهذا الترتيب للمسلمين؟ ما الضرورة إلى أن نتعب أنفسنا في سبيل تحصيل هذه النظريات وتحديدها بعد أن لاحظنا أنّ النبي صلى الله عليه و آله اكتفى باعطاء هذا المجموع هذا الكلّ المتراكم بهذا الشكل؟ ما الضرورة إلى أن نستحصل هذه النظريات؟