بحاجة إلى محتوى وإلى مضمون، وإذا جرّد هذا الإطار عن محتواه سوف يؤدّي إلى الويل والدمار، إلى الويل الذي تواجهه الحضارة الغربية اليوم التي صنعت للبشرية كل وسائل الدمار؛ لأنّ الإطار بقي بلا محتوى، بقي بلا مضمون. حينئذٍ هذا هو مثال للتعميم الافقي. التعميم الافقي للمثل الأعلى.
التعميم الزمني الخاطئ:
وأمّا التعميم الزمني أيضاً، كذلك على مرّ التاريخ توجد خطوات ناجحة تاريخياً، ولكنّها لا يجوز أن تحوّل من حدودها كخطوة إلى مطلق، إلى مثل أعلى. يجب أن تكون ممارسة تلك الخطوة ضمن المثل الأعلى لا أن تحوّل هذه الخطوة إلى مثل أعلى.
حينما اجتمع في التاريخ مجموعة من الاسر فشكّلوا القبيلة، حينما اجتمعت مجموعة من القبائل فشكّلت عشيرة، حينما اجتمعت مجموعة من العشائر فشكّلت امّة، هذه الخطوات صحيحة في تقدّم البشرية وتوحيد البشرية، ولكن كل خطوة من هذه الخطوات لا يجب أن تتحوّل إلى مثل أعلى، لا يجوز أن تتحوّل إلى مطلق، لا يجوز أن تكون العشيرة هي المطلق الذي يحارب من أجله هذا الإنسان، وإنّما المطلق الذي يحارب من أجله الإنسان هو ذاك المطلق الحقيقي، يبقى هو اللَّه سبحانه وتعالى. الخطوة تبقى كاسلوب ولكن المطلق يبقى هو اللَّه سبحانه وتعالى. هذا التعميم الزمني أيضاً هو شكل من التعميم الخاطيء. حينما يحوّل هذا المثل المنتزع من خطوة محدودة عبر الزمن يحوّل إلى مثل أعلى.
وحال هذا الإنسان الذي يحوّل هذه الرؤية المحدودة في عبر الزمن، يحوّلها إلى مطلق حاله حال الإنسان الذي يتطلّع إلى الافق فلا تساعد عينه إلّا على النظر إلى مسافة محدّدة، فيخيّل له بأنّ الدنيا تنتهي عند الافق الذي يراه، أنّ السماء تنطبق على الأرض على مسافة قريبة منه، وقد يخيّل له وجود الماء،