التاريخية للقرآن والتي تقدّم الكلام عنها ويأتي إن شاء اللَّه الحديث عن شرح محتواها. هذه السنة التاريخية للقرآن بُيّنت بلغة القضية الشرطية؛ لأنّ مرجع هذا المفاد القرآني إلى أنّ هناك علاقة بين تغييرين: بين تغيير المحتوى الداخلي للإنسان، وتغيير الوضع الظاهري للبشرية والإنسانية. مفاد هذه العلاقة قضية شرطية: أ نّه متى ما وجد ذاك التغيير في أنفس القوم وجد هذا التغيير في بناء القوم وكيان القوم. هذه القضية قضية شرطية بُيّن القانون فيها بلغة القضية الشرطية.
«وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً»[1]. قلنا في ما سبق: إنّ هذه الآية الكريمة تتحدّث عن سنة من سنن التاريخ، عن سنّة تربط وفرة الانتاج بعدالة التوزيع. هذه السنة أيضاً هي بلغة القضية الشرطية كما هو الواضح من صياغتها النحوية أيضاً.
«وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً»[2]. أيضاً سنة تاريخية بُيّنت بلغة القضية الشرطية. ربطت بين أمرين: بين تأمير الفسّاق والمترفين في المجتمع وبين دمار ذلك المجتمع وانحلاله. هذا القانون التاريخي أيضاً مُبيَّن على نهج القضية الشرطية، فهو لا يبين أ نّه متى يوجد الشرط، لكن يبين متى ما وجد هذا الشرط يوجد الجزاء. هذا هو الشكل الأول من أشكال السنة التاريخية في القرآن.
2- شكل القضيّة الفعليّة:
الشكل الثاني الذي تتّخذه السنن التاريخية:
شكل القضية الفعلية الناجزة الوجودية المحققة، وهذا الشكل أيضاً نجد له
[1] الجن: 16
[2] الإسراء: 16