«أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَ أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ»[1].
ظاهر الآية الكريمة أن الأجل الذي يترقّب أن يكون قريباً أو يهدّد هؤلاء بأن يكون قريباً، هو الأجل الجماعي لا الأجل الفردي؛ لأنّ قوماً بمجموعهم لا يموتون عادة في وقت واحد، وإنّما الجماعة بوجودها الكلّي هو الذي يمكن أن يكون قد اقترب أجله.
فالأجل الجماعي هنا يعبّر عن حالة قائمة بالجماعة لا عن حالة قائمة بهذا الفرد أو ذاك؛ لأنّ الناس عادة تختلف آجالهم حينما ننظر إليهم بالمنظار الفردي، لكن حينما ننظر إليهم بالمنظار الاجتماعي بوصفهم مجموعة واحدة متفاعلة في ظلمها وعدلها، في سرّائها وضرّائها، حينئذٍ يكون لها أجل واحد، فهذا الأجل الجماعي المشار إليه إنّما هو أجل الامّة. وبهذا تلتقي هذه الآية الكريمة مع الآيات السابقة.
«وَ رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا* وَ تِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً»[2].
«وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ»[3].
«وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِن
[1] الأعراف: 185
[2] الكهف: 58- 59
[3] النحل: 61