السماء، ولا يعني أن تسكت سنن التاريخ عنهم، بل إنّهم سوف يُستبدلون، سنن التاريخ سوف تعزلهم وسوف تأتي بامم اخرى قد تهيّأت لها الظروف الموضوعية الأفضل لكي تلعب هذا الدور، لكي تكون شهيدة على الناس إذا لم تتهيّأ لهذه الامّة الظروف الموضوعية لهذه الشهادة: «إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَ لا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[1]، «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ»[2].
إذن فالقرآن الكريم حينما يتحدّث [عن] الجانب الثاني من عملية التغيير، يتحدّث مع البشر، مع البشر في ضعفه وقوّته، في استقامته وانحرافه، في توفّر الشروط الموضوعية له وعدم توفّرها.
من هنا يظهر بأنّ البحث في سنن التاريخ مرتبط ارتباطاً عضوياً شديداً بكتاب اللَّه بوصفه كتاب هدىً، بوصفه كتاب إخراج للناس من الظلمات إلى النور؛ لأنّ الجانب العملي من هذه العملية، الجانب البشري والتطبيقي من هذه العملية، جانب يخضع لسنن التاريخ، فلابدّ إذن أن نستلهم، ولابدّ إذن أن يكون للقرآن الكريم تصوّرات وعطاءات في هذا المجال لتكوين إطار عام للنظرة القرآنية والإسلامية عن سنن التاريخ.
إذن، هذا لا يشبه سنن الفيزياء والكيمياء والفلك والحيوان والنبات، تلك السنن ليست داخلة في نطاق التأثير المباشر على عملية التغيير، ولكن هذه السنن
[1] التوبة: 39
[2] المائدة: 54