لتنظيم هذه المادة القرآنية. كذلك أيضاً بحثت هذه المادة القرآنية من زاوية اخرى، من زاوية منهج القصة في القرآن، مدى ما يتمتّع به هذا المنهج من أصالة وقوّة وإبداع، ما تزخربه القصة القرآنية من حيوية، من حركة، من أحداث. هذه أيضاً زاوية اخرى للبحث في هذه المادة تضاف إلى زوايا عديدة.
نحن الآن نريد أن نتناول هذه المادة القرآنية من زاوية اخرى، من زاوية مقدار ما تلقي هذه المادة من أضواء على سنن التاريخ، على تلك الضوابط والقوانين والنواميس التي تتحكّم في عملية التاريخ، إذا كان يوجد في مفهوم القرآن شيء من هذه النواميس والضوابط والقوانين.
توفّر القرآن على بحث سنن التاريخ:
الساحة التاريخية كأيّ ساحة اخرى زاخرة بمجموعة من الظواهر، كما أنّ الساحة الفلكية، الساحة الفيزيائية، الساحة النباتية زاخرة بمجموعة من الظواهر، كذلك الساحة التاريخية- بالمعنى الذي سوف نفصّل من التاريخ إن شاء اللَّه بعد ذلك- زاخرة بمجموعة من الظواهر. كما أنّ الظواهر في كلّ ساحة اخرى من الساحات لها سنن ولها نواميس، من حقّنا أن نتساءل: هل أنّ الظواهر التي تزخر بها الساحة التاريخية، هل هذه الظواهر أيضاً ذات سنن وذات نواميس؟ وما هو موقف القرآن الكريم من هذه السنن والنواميس؟ وما هو عطاؤه في مقام تأكيد هذا المفهوم إيجاباً أو سلباً، إجمالًا أو تفصيلًا؟
وقد يخيّل إلى بعض الأشخاص، أ نّنا لا ينبغي أن نترقّب من القرآن الكريم أن يتحدّث عن سنن التاريخ؛ لأنّ البحث في سنن التاريخ بحث علمي كالبحث في سنن الطبيعة والفلك والذرّة والنبات، والقرآن الكريم لم ينزل كتاب اكتشاف بل كتاب هداية، القرآن الكريم لم يكن كتاباً مدرسيّاً، لم ينزل على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله