ما يتعلّق بذلك الموضوع وما يمكن أن يلقي عليه القرآن من أضواء. وسوف نحاول أن يكون البحث مضغوطاً بقدر الإمكان لكي نستطيع أن نصل إلى عدد من المواضيع المهمّة، فنقتصر على الأفكار الأساسية والمبادئ الرئيسية بالنسبة إلى كلّ موضوع. وسوف أحرص على أن لا يستوعب كلّ موضوع إلّاعدداً محدوداً من المحاضرات، أرجو أن يكون بين خمس محاضرات إلى عشر محاضرات لكي نستطيع أن نستوعب مواضيع متنوّعة من القرآن الكريم.
الآن نواجه هذا السؤال: ما هو الموضوع الأوّل الذي سوف نبدأ به الآن إن شاء اللَّه تعالى؟
الموضوع الأوّل الذي سوف نختاره للبحث هو سنن التاريخ في القرآن الكريم. هل للتاريخ البشري سنن في مفهوم القرآن الكريم؟ هل له قوانين تتحكّم في مسيرته وفي حركته وتطوّره؟ ما هي هذه السنن التي تتحكّم في التاريخ البشري؟ كيف بدأ التاريخ البشري؟ كيف نما؟ كيف تطوّر؟ ما هي العوامل الأساسية في نظرية التاريخ؟ ما هو دور الإنسان في عملية التاريخ؟ ما هو موقع السماء أو النبوّة على الساحة الإجتماعية؟
هذا كلّه ما سوف ندرسه تحت هذا العنوان، عنوان سنن التاريخ في القرآن الكريم. وهذا الجانب من القرآن الكريم قد بُحث الجزء الأعظم من مواده ومفرداته القرآنية لكن من زوايا مختلفة. فمثلًا قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام التي تمثّل الجزء الأعظم من هذه المادّة القرآنية، بحثت قصص الأنبياء من زاوية تاريخيه تناولها المؤرّخون واستعرضوا الحوادث والوقائع التي تكلّم عنها القرآن الكريم، وحينما لاحظوا الفراغات التي تركها هذا الكتاب العزيز حاولوا أن يملأوا هذه الفراغات بالروايات والأحاديث، أو بما هو المأثور عن أديان سابقة، أو بالأساطير والخرافات، فتكوّنت سجلّات ذات طابع تاريخي