الآيات تشترك في موضوع واحد. وهو توحيدي باعتبار أ نّه يوحّد بين هذه الآيات، يوحّد بين مدلولات هذه الآيات ضمن مركّب نظري واحد. إذن اصطلاح الموضوعية واصطلاح التوحيدية في التفسير ينسجم مع كلّ من هذين الفارقين بما بيّناه.
ولا نقصد بالموضوعية هنا الموضوعية في مقابل التحيّز، مثلًا: ما يقال عادة من أنّ هذا البحث موضوعي في مقابل أن يكون بحثاً متحيّزاً أو منحازاً.
طبعاً الموضوعية بذلك المعنى مفروضة في التفسير التجزيئي والتفسير الموضوعي معاً. ليست الموضوعية بذلك المعنى من مزايا التفسير الموضوعي في مقابل التفسير التجزيئي، الموضوعية بذلك المعنى عبارة عن الأمانة في البحث، عبارة عن الاستقامة على جادّة البحث، تلك الموضوعية مفترضة في كلا الاتّجاهين، وإنّما الموضوعية التي نجعلها في مقابل التجزيئية غير تلك الموضوعية التي تقابل الذاتية والتحيّز، الموضوعية هنا بمعنى أن يبدأ من الموضوع وينتهي إلى القرآن، هذا الأمر الأوّل. الأمر الثاني أن يختار مجموعة من الآيات تشترك في موضوع واحد يقوم بعملية توحيد بين مدلولاتها، من أجل أن يستخرج نظرية قرآنية شاملة بالنسبة إلى ذلك الموضوع.
الاتجاه الموضوعي في الأبحاث الفقهية
ذكرنا أنّ الأبحاث الفقهية سارت في الاتّجاه الموضوعي بينما الأبحاث التفسيرية سارت في الاتّجاه التجزيئي، طبعاً لم نكن نعني من ذلك أيضاً أنّ البحث الفقهي استنفد طاقة الاتّجاه الموضوعي، البحث الفقهي سار في الاتّجاه الموضوعي ولكنه لم يستنفد أيضاً طاقة الاتّجاه الموضوعي، والبحث الفقهي اليوم