يختلف باختلاف الجوانب التي يريد المفسر معالجتها من القرآن الكريم، فحين يريد ان يدرس فقه القرآن مثلًا، لا يحتاج إلى التعمق في أسرار اللغة العربية بالدرجة التي يحتاجها المفسر اذا درس الفن القصصي في القرآن، أو المجاز في القرآن مثلًا.
3- ولا بد للمفسر ان يحاول الى اكبر درجة ممكنة الاندماج كلياً في القرآن عند تفسيره، ونقصد بالاندماج في القرآن أن يُدرس النص القرآني ويُستوحي معناه دون تقييد مسبق باتجاه معين غير مستوحى من القرآن نفسه، كما يصنع كثير من أصحاب المذاهب الذين يحاولون في تفسيرهم اخضاع النص القرآني لعقيدتهم المذهبية، فلا يدرسون النص ليكتشفوا اتجاهه بل يفرضون عليه اتجاههم المذهبي، ويحاولون فهمه دائماً ضمن اطارهم العقائدي الخاص، وهذا ليس تفسيراً وانما هو محاولة تبرير للمذهب وتوفيق بينه وبين النص القرآني، ولهذا كان من أهمّ الشروط في المفسر أن يكون بدرجة من التحرر الفكري تتيح له الاندماج بالقرآن، وجعله قاعدة لتكوين أي اطار مذهبي بدلًا عن جعل الاتجاه المذهبي المحدد قاعدة لفهم القرآن.
4- وأخيراً لا بد للمفسر من منهج عام للتفسير، يحدد فيه عن اجتهاد علمي طريقته في التفسير، ووسائل الاثبات التي يستعملها، ومدى اعتماده على ظهور اللفظ وعلى السنة، وعلى أخبار الآحاد، وعلى القرائن العقلية في تفسير النص القرآني، لأنّ في كل واحد من هذه الامور خلافاً علمياً، ووجهات نظر عديدة، فلا يمكن ممارسة التفسير دون درس تلك الخلافات درساً دقيقاً، والخروج من دراستنا بوجهات نظر معينة تؤلف المنهج العام للمفسر، الذي يسير عليه في تفسيره. ولما كانت تلك الخلافات تتصل بجوانب من الاصول والكلام والرجال وغيرها كان لزاماً على المفسر لدى وضعه للمنهج ودراسته لتلك الخلافات أن يكون ملماً الماماً كافياً بتلك العلوم.