عملية التغيير العظيم التي مارسها؛ وحتى هذ الذي أقره وضعه في إطاره الخاص وربطه باصوله وقطع صلته بالجاهلية وجذورها.
ب- وفي تدرج القرآن الكريم في التشريع، قد يخيل لمن ينطلق من القاعدة الخاطئة التي تقول ببشرية القرآن يرتبط بطبيعة عملية البناء التي يمارسها القرآن، لأنّ القرآن لم ينزل ليكون كتاباً علمياً يدرسه العلماء، وانما نزل لتغيير الانسانية وبنائها من جديد على أفضل الاسس، وعملية التغيير تتطلب التدرج.
ج- وفي القرآن الكريم نجد كثيراً من التشريعات والمفاهيم الحضارية التي كانت متبنّاة من قبل الشرائع السماوية الاخرى كاليهودية والنصرانية. وقد يخيل لمن يدرس القرآن على اساس القاعدة الخاطئة بأنّ القرآن قد تأثّر في ذلك بهذه الاديان، فانعكس هذا الانفصال وبالتالي على القرآن نفسه.
ولكن الواقع- وعلى أساس المفهوم الصحيح- أنّ القرآن يمثل الاسلام الذي هو امتداد لرسالات السماء وخاتمها، ومن الطبيعي ان تشتمل الرسالة الخاتمة على الكثير مما احتوته الرسالات السماوية السابقة، وتنسخ الجوانب التي لا تتلائم مع التطورات النفسية والفكرية والاجتماعية للمرحلة التي وصل اليها الانسان بشكل عام، لأنّ مصدر الرسالات هذه كلها شيء واحد وهو اللَّه سبحانه.
خصوصاً اذا أخذنا بنظر الاعتبار ايمان الاسلام بهذه الوحدة في مصدر الرسالات وتأكيده عليها.
2- وبعد سلامة القاعدة الاساسية في فهم القرآن وتقييمه يجب أن يتوفر في المفسر مستوى رفيع من الاطلاع على اللغة العربية ونظامها، لأنّ القرآن جاء وفق هذا النظام، فما لم تكن لدينا صورة عن النظام العام للغة العربية لا نستطيع أن نستوعب معاني القرآن؛ فيحتاج المفسر الى الاطلاع على علم النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، وغيرها من العلوم العربية؛ والقدر اللازم توفره من هذا الشرط