وقوله تعالى: «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»[1].
وثانياً: إنّه ليس في القرآن الكريم سبابٌ وشتمٌ كيف وقد نهى القرآن نفسه عن السب والشتم، حيث قال تعالى: «وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ …»[2].
وليس في سورة (المسد) أو (التكاثر) سب أو بذاءة- كما يحاول المستشرقون ان يقولوا ذلك- وانما فيهما تحذير ووعيد بالمصير الذي ينتهي إليه أبو لهب والكافرون باللَّه.
نعم، يوجد في القرآن الكريم تقريع وتأنيب عنيف، وهو موجود في المدني كما هو في المكي- وان كان يكثر وجوده في المكي- بالنظر لمراعاة ظروف الاضطهاد والقسوة التي كانت تمر بها الدعوة، الامر الذي اقتضى ان يواجه القرآن ذلك بالعنف والتقريع- احياناً- لتقوية معنويات المسلمين من جانب، وتحطيم معنويات المقاومة من جانب آخر، كما سوف نشير إليه قريباً.
ومن هذا التقريع في السور المدنية قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ* وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ … صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ»[3].
وقوله تعالى: «… وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه
[1] الزمر: 53
[2] الأنعام: 108
[3] البقرة: 6- 18