مبدع في التوصّل إلى ماوراء المدلول اللغوي واللفظي، التوصّل إلى الأفكار الأساسية التي حاول القرآن الكريم أن يعطيها من خلال المتناثر من آياته الشريفة.
المقارنة بين التفسير والفقه:
ويمكننا أن نقرّب إلى أذهانكم فكرة هذين الاتّجاهين المختلفين في تفسير القرآن الكريم بمثال من تجربتكم الفقهية، فالفقه هو بمعنى من المعاني تفسير للأحاديث الواردة عن النبي والأئمة عليهم السلام، ونحن نعرف من البحث الفقهي أنّ هناك كتباً فقهية شرحت الأحاديث حديثاً حديثاً، تناولت كلّ حديث وشرحته وتكلّمت عنه دلالة أو سنداً أو متناً، أو دلالة وسنداً ومتناً على اختلاف اتّجاهات الشرّاح، كما نجد ذلك في شرّاح الكتب الأربعة[1] وشرّاح الوسائل[2]، غير أنّ القسم الأعظم من الكتب الفقهية والدراسات العلمية في هذا المجال لم تتّجه هذا الاتّجاه، بل صنّفت البحث إلى مسائل وفقاً لوقائع الحياة، وجعلت في إطار كلّ مسألة الأحاديث التي تتّصل بها، وفسّرتها بالقدر الذي يلقي ضوءاً على تلك المسألة ويؤدّي إلى تحديد موقف الإسلام من تلك الواقعة التي تفترضها المسألة المذكورة. وهذا هو الاتّجاه الموضوعي على الصعيد الفقهي، بينما ذاك هو الاتّجاه
[1] مثل كتاب شرح اصول الكافي للمولى محمّد رفيع الجيلاني وشرح الاستبصار للشيخ عبد الرضا الطفيلي النجفي وملاذ الأخيار في شرح التهذيب للعلّامة المجلسي وروضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه للمولى محمّد تقي المجلسي
[2] مثل تحرير وسائل الشيعة في شرح وسائل الشيعة للحرّ العاملي مؤلّف الوسائل