من القسيسين والرهبان: اسجدوا للملك، فقال جعفر: لا نسجد الّا للَّه عزّ وجل»[1].
2- أرسل سعد قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا الى رستم قائد الجيوش الفارسية واميرهم، فدخل عليه وقد زيّنوا مجلسه بالنمارق والزرابي الحرير، وقد جلس على سرير من ذهب وعليه تاجه المزين باليواقيت واللآلئ الثمينة، ودخل ربعي بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك فقال: إن تركتموني هكذا وإلّا رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه، فقال له: ما جاء بكم فقال: اللَّه ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد الى عبادة اللَّه، ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الاديان الى عدل الاسلام[2].
هكذا استطاع القرآن عن طريق زرع الايمان باللَّه وتربية المسلمين على التوحيد والشعور بالعبودية للَّهوحده، استطاع عن هذا الطريق أن يجعل من اولئك الذين كانوا يخضعون للحجارة، ويدينون بسيادتها امّة موحدة لا تخضع إلّاللَّه، ولا تتذلل لقوة على وجه الارض ولا تستكين لجبروت الملك وعظمة الدنيا، ولو في أحرج اللحظات وتمتد بأهدافها نحو تغيير العالم، وهداية شعوب الارض الى التوحيد والاسلام، وانقاذها من أسر الوثنية، ومختلف العبوديات للآلهة المزيّفة والارباب المصطنعة.
[1] البداية والنهاية 3: 89
[2] البداية والنهاية 7: 46