سؤالًا استدعى الجواب عنه، أو واقعة كان لا بد من التعليق عليها، وتسمى هذه الاسباب التي استدعت نزول القرآن بأسباب النزول، فأسباب النزول هي: امور وقعت في عصر الوحي واقتضت نزول الوحي بشأنها.
وذلك من قبيل ما وقع من بناء المنافقين لمسجد ضرار بقصد الفتنة؛ فقد كانت هذه المحاولة من المنافقين مشكلة تعرضت لها الدعوة وأثارت نزول الوحي بشأنها، اذ جاء قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ …»[1].
وكذلك سؤال بعض أهل الكتاب مثلًا عن الروح من النبي فقد اقتضت الحكمة الالهية ان يجاب عنه في القرآن فنزل قوله تعالى: «… قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا»[2] وبهذا أصبح ذلك السؤال من أسباب النزول.
وكذلك أيضاً ما وقع من بعض علماء اليهود، إذ سألهم مشركو مكة من أهدى سبيلًا، محمد وأصحابه أم نحن؟ فتملقوا عواطفهم وقالوا لهم: أنتم أهدى سبيلًا من محمد وأصحابه، مع علمهم بما في كتابهم من نعت النبي المنطبق عليه، وأخذ المواثيق عليهم أن لا يكتموه، فكانت هذه واقعة مثيرة أدّت على ما جاء في بعض الروايات الى نزول قوله تعالى:
«أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا»[3].
[1] التوبة: 107
[2] الإسراء: 85
[3] النساء: 51