إذن لم يحصل على شيء من الدنيا لا على حطام ولا على مال ولا على منصب ولا على كُنى ولا على تقدير، ولكنّه على الرغم من ذلك حينما ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف على رأسه، ماذا قال هذا الإمام العظيم؟ قال: «لقد فزت ورب الكعبة»[1]. لو كان علي يعمل لدنياه لقال: واللَّه إنّي أتعس إنسان؛ لأ نّي لم أحصل على شيء في مقابل عمرٍ كلّه جهاد، كلّه تضحية، كلّه حب للَّه، لم أحصل على شيء، لكنّه لم يقل ذلك، قال: «لقد فزت وربّ الكعبة». إنّها واللَّه الشهادة؛ لأنّه لم يكن يعمل لدنياه، كان يعمل لربّه، والآن لحظة اللقاء مع اللَّه، هذه اللحظة هي اللحظة التي سوف يلتقي بها عليّ مع اللَّه سبحانه وتعالى فيوفيه حسابه ويعطيه أجره، يعوّضه عمّا تحمّل من شدائد، عمّا قاسى من مصائب.
أليس هذا الإمام هو مثلنا الأعلى؟ أليست حياة هذا الإمام هي السنّة؟
أليست مصادر التشريع عندنا الكتاب والسنّة؟ أليست السنّة هي قول المعصوم وفعله وتقريره؟ نحن أولى الناس. علينا أن نحذر من حبّ الدنيا؛ لأنّه لا دنيا عندنا لكي نحبها. ماذا نحبّ؟ نحبّ الدنيا؟! نحن الطلبة! ما هي هذه الدنيا التي نحبها ونريد أن نغرق أنفسنا فيها ونترك رضواناً من اللَّه أكبر؟ نترك ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا اعترض على خيال بشر، ما هي هذه الدنيا؟
هذه الدنيا دنيانا هي مجموعة من الأوهام، كل دنيا وهم، لكن دنيانا أكثر وهماً من دنيا الآخرين، مجموعة من الأوهام. ماذا نحصل من الدنيا إلّا على قدر محدود جداً؟ لسنا نحن اولئك الذين نهبوا أموال الدنيا وتحدثنا عنهم قبل أيام، لسنا نحن اولئك الذين تركع الدنيا بين أيدينا لكي نؤثر الدنيا على
[1] بحار الأنوار 73: 59. والاستيعاب بهامش الاصابة 3: 59