أقوال هؤلاء وأفعال هؤلاء، أعرف الناس بأقوالهم وأعرف الناس بأفعالهم، ألم يقل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «انّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضة ولا عقاراً، إنّما نورث العلم والحكمة»[1]؟ ألم يقل علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام: ان امارتكم هذه أو خلافتكم هذه لا تساوي عندي شيئاً إلّاأن أقيم حقاً أو أدحض باطلًا[2]؟ ألم يقل علي بن أبي طالب ذلك، ألم يجسّد هذا في حياته، في كل حياته؟
علي بن أبي طالب كان يعمل للَّهسبحانه وتعالى، لم يكن يعمل لدنياه، لو كان علي يعمل لدنياه لكان أشقى الناس وأتعس الناس؛ لأنّ علياً حمل دمه على يده منذ طفولته، منذ صباه، يذبّ عن وجه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعن دين اللَّه وعن رسالة اللَّه. لم يتردّد لحظة في أن يقدم، لم يكن يحسب للموت حساباً، لم يكن يحسب للحياة حساباً، كان دمه دائماً على يده، كان أطوع الناس لرسول اللَّه في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وكان أطوع الناس لرسول اللَّه بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، كان أكثر الناس عملًا في سبيل الدين ومعاناة من أجل الإسلام.
ماذا حصل، ماذا حصل عليه علي بن أبي طالب عليه السلام؟ لو جئنا إلى مقاييس الدنيا، ماذا حصل عليه هذا الرجل العظيم؟ ألم يُقصَ هذا الرجل العظيم؟ ألم يكن جليس بيته فترة طويلة من الزمن؟ ألم يسبّ هذا الرجل العظيم ألف شهر على منابر المسلمين التي اقيمت أعوادها بجهاده، بدمه، بتضحياته؟ سبّ على منابر المسلمين.
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 214
[2] نهج البلاغة: 76 خطبة 33