قلب واحد. من كان ولاءه للدنيا، من أصبح وكان أكبر همّه الدنيا فليس له من اللَّه شيء، ليس له صلة مع اللَّه سبحانه وتعالى؛ لأنّ ولاءين لا يجتمعان في قلبٍ واحد.
«حبّ الدنيا رأس كل خطيئة»؛ لأنّ حبّ الدنيا هو الذي يفرّغ الصلاة من معناها، يفرّغ الصيام من معناه، يفرّغ كل عبادة من معناها، ماذا يبقى من معنى لهذه العبادات إذا استولى حبّ الدنيا على قلب الإنسان؟
أنا وأنتم نعرف أنّ اولئك الذين نؤاخذهم على ما عملوا مع أمير المؤمنين، اولئك لم يتركوا صلاة، ولم يتركوا صياماً، ولم يشربوا خمراً، على الأقل عدد كبير منهم لم يقوموا بشيء من هذا القبيل، لكنّهم مع هذا ما هي قيمة هذه الصلاة، وما هي قيمة هذا الصيام، وما هي قيمة العفة عن شرب الخمر إذا كان حبّ الدنيا هو الذي يملأ القلب؟
ما قيمة صلاة عبد الرحمن بن عوف؟ عبد الرحمن بن عوف كان صحابياً جليل القدر، كان من السابقين إلى الإسلام، كان ممن أسلم والناس كفار ومشركون. تربّى على يد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله. عاش مع الوحي، مع القرآن، مع آيات اللَّه تترى، لكن ماذا دهاه؟ ماذا دهاه حينما فتح اللَّه على المسلمين بلاد كسرى وقيصر، وكنوز كسرى وقيصر؟ ماذا دهى هذا الرجل المسكين؟ هذا الرجل المسكين ملأ قلبه حبّ الدنيا. كان يصلّي وكان يصوم، ولكن ملأ قلبه حب الدنيا حينما وقف في خيار واحد بين عثمان وعلي عليه السلام: إمّا أن يكون عثمان خليفة المسلمين وإمّا أن يكون علي خليفة المسلمين، وهو يعلم أ نّه لو أعطى هذه الخلافة لعلي لأسعد المسلمين إلى أبد الدهر، ولكنه يعلم أيضاً أ نّه حينما يعطيها إلى عثمان فقد فتح بذلك باب الفتن إلى آخر الدهر، يعلم بذلك وقد سمع ذلك من عمر نفسه أيضاً، ولكنه في هذا الخيار غلب حبّ الدنيا على قلبه. ضرب على