وكوّنا قطباً في تناقض أكبر بدأ تاريخياً منذ بدأ ذلك التناقض الذي تحدّث عنه ماركس.
لكن ما هو القطب الآخر في هذا التناقض؟ القطب الآخر في هذا التناقض هو أنا وأنت، هم الشعوب الفقيرة في العالم، هم شعوب ما يسمّى بالعالم الثالث، هم شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، هذه الشعوب هي التي تمثّل القطب الثاني في هذا التناقض.
إنّ الإنسان الاوروبي بكلا وجوديه الطبقيين تحالف وتمحور من أجل أن يمارس صراعه واستغلاله لهذه الشعوب الفقيرة، وقد انعكس هذا التناقض الأكبر، انعكس اجتماعياً من خلال صيغ الاستعمار المختلفة التي زخرت بها الساحة التاريخية منذ خرج الإنسان الاوروبي والأمريكي من دياره ليفتّش عن كنوز الأرض في مختلف أرجاء العالم، ولينهب الأموال بلا حساب من مختلف البلاد والشعوب الفقيرة.
هذا التناقض غطّى على التناقض الطبقي، بل جمّد التناقض الطبقي؛ لأنّ جدل الإنسان من وراء هذا التناقض كان أقوى من جدل الإنسان من وراء ذلك التناقض، والثراء الهائل الذي تكدّس في أيدي الطبقة الرأسمالية في الدول الرأسمالية لم يكن كلّه- بل ولا معظمه- نتاج عرق جبين العامل الاوروبي والأمريكي، وإنّما كان نتاج غنائم حرب، كان نتاج غنائم غارات، غارات على هذه البلاد الفقيرة، على بلاد اخرى استطاع الإنسان الأبيض أن يغزوها وأن ينهبها. هذا النعيم الذي تغرق فيه تلك الدول ليس من عرق جبين العامل الاوروبي، ليس من نتاج التناقض الطبقي بين الرأسمالي والعامل، وإنّما هذا النعيم هو من نفط آسيا وأمريكا اللاتينية، هو من ألماس تنزانيا، هو من الحديد والرصاص والنحاس واليورانيوم في مختلف بلاد أفريقيا، هو من قطن مصر، هو