الهيئات التي تمثّل العمّال في الدّول الرأسمالية المستغلة، تحوّلت بالتدريج، أكثر هذه الهيئات تحوّلت إلى هيئات ذات طابع شبه ديمقراطي، تحوّلت إلى أشخاص لهم حالة الاسترخاء السياسي، تركوا هموم الثورة، تركوا منطق الثورة، أصبحوا يتصافحون يداً بيد مع تلك الأيدي المستغِلّة، مع أيدي الطبقة الرأسمالية، أصبحوا يرفعون شعار تحقيق حقوق العمّال عن طريق النقابات وعن طريق البرلمانات وعن طريق الانتخابات. هذه الحالة هي حالة الاسترخاء السياسي، كل هذا وقع في هذه الفترة القصيرة من الزمن التي نحسّها، كيف وقع هذا كلّه؟ هل كان (ماركس) سيّئ الظن إلى هذه الدرجة بهؤلاء الرأسماليين، بهؤلاء المجرمين والمستغِلّين بحيث تنبّأ بهذه النبوءات ثم ضاعت هذه النبوءات كلّها فلم يتحقق شيء منها؟
هل كان هذا سوء ظن من (ماركس) لهؤلاء المستغلين؟
هل أنّ هؤلاء الرأسماليين المستغلين دخل في نفوسهم الرّعب من (ماركس) ومن الماركسية ومن الثورات التحرّرية في العالم؟
هل دخل في أنفسهم الرّعب، فحاولوا أن يتنازلوا عن جزء من مكاسبهم خوفاً من أن يثور العامل عليهم؟
هل هذا صحيح؟
هل أنّ المليونير الأمريكي يخالج ذهنه فعلًا أيّ شبح للخوف من هذه الناحية؟ أشدّ الناس تفاؤلًا بمصائر الثورة في العالم لا يمكنه أن يفكّر في أنّ ثورة حقيقية على الظلم في أمريكا يمكن أن تحدث قبل مئة سنة من هذا التاريخ.
فكيف يمكن أن نفترض أنّ المليونير الأمريكي أصبح أمامه شبح الخوف والرعب، وعلى أساس هذا الشبح تنازل عن جزء من مكاسبه؟
هل أ نّه دخلت إلى قلوبهم التقوى فجأة، استنارت قلوبهم بنور الإسلام