يزداد البؤس والحرمان في جانب الطبقة العاملة يوماً بعد يوم، ويزداد الثراء على حساب هؤلاء العاملين في طبقة الرأسماليين المستغلين من الأمريكان والإنجليز والفرنسيين وغيرهم. كنا نترقب حالة من هذا القبيل، كنا نترقب أن تتضاعف النقمة، أن يشتد إيمان العامل الاوروبي والعامل الأمريكي بالثورة وبضرورة الثورة وبأ نّها هي الطريق الوحيد لتصفية هذا التناقض الطبقي. هذا ما كنا ننتظره لو صحّت هذه الأفكار عن تفسير التناقض.
لكن ماذا وقع خارجاً؟ ما وقع خارجاً هو عكس ذلك تماماً، نرى وبكل أسف أنّ النظام الرأسمالي في الدول الرأسمالية المستغِلّة يزداد ترسّخاً يوماً بعد يوم، ويزداد تمحوراً وعملقة يوماً بعد يوم. لا تبدو عليه بوادر الانهيار السريع، تلك التمنّيات الطيبة التي تمنّاها ثوارنا المادّيون لإنجلترا وللدول الاوروبية المتقدمة صناعياً، تمنّوا لها الثورة في أقرب وقت بحكم التطور الآلي والصناعي فيها، تلك التمنيات الطيبة تحوّلت إلى سراب، بينما تحققت هذه النبوءات بالنسبة إلى بلاد لم تعش تطوّراً آلياً، بل لم تعش تناقضاً طبقياً بالمعنى الماركسي؛ لأنّها لم تكن قد دخلت الباب العريض الواسع للتطور الصناعي، من قبيل روسيا القيصرية والصين[1].
من ناحية اخرى هل ازداد العمّال بؤساً وفقراً؟ هل ازدادوا استغلالًا؟
لا بالعكس، العمّال ازدادوا رخاءً، ازدادوا سعة، أصبحوا مدلّلين من قبل الطبقة الرأسمالية المستغلّة، العامل الامريكي يحصل على ما لا يطمع به إنسان آخر يشتغل بكدّ يمينه ويقطف ثمار عمله في المجتمعات الاشتراكية الاخرى.
هل ازدادت النقمة لدى الطبقة العاملة؟ العكس هو الصحيح، العمّال،
[1] انظر( اقتصادنا) للمؤلف قدس سره: فصل مع الماركسية