هذا تلخيص سريع جداً لوجهة نظر هؤلاء الثوار تجاه التناقض الذي عالجناه، إلّاأنّ هذه النظرة الضيّقة لا تنسجم في الحقيقة مع الواقع ولا تنطبق على تيار الأحداث في التاريخ. ليس التناقض الطبقي وليد تطوّر الآلة، بل هو وليد الإنسان، هو من صنع الإنسان الاوروبي. ليست الآلة هي التي صنعت استغلال الرأسمالي للعامل، ليست الآلة هي التي خلقت النظام الرأسمالي، وإنّما الإنسان الاوروبي الذى وقعت هذه الآلة بيده أفرز نظاماً رأسمالياً يجسّد قِيَمه في الحياة وتصوراته للحياة.
وليس التناقض الطبقي هو الشكل الوحيد من أشكال التناقض، هناك صيغ كثيرة من التناقض على الساحة الاجتماعية، وليس التناقض الطبقي هو التناقض الرئيس بالنسبة إلى تلك الأشكال، وإنّما كل هذه الأشكال من التناقض على الساحة الاجتماعية هي وليد تناقض رئيس وهو جدل الإنسان، هو الجدل المخبوء في داخل محتوى الإنسان، ذاك هو التناقض الرئيس الذي يفرز دائماً وأبداً صيغاً متعدّدة من التناقض.
تعالوا نلاحظ ونقارن بين هذه النظرة الضيّقة وبين واقع التجربة البشرية المعاصرة لنرى أيّ النظرتين أكثر انطباقاً على العالم الذي نعيشه، ونرى ماذا كنا نتوقع؟ ماذا كنا ننتظر؟ لو كانت هذه النظرة وكان هذا التفسير للتناقض، لو كان صحيحاً وواقعياً، ماذا كنا ننتظر؟ وماذا كنا نتوقع؟
كنا ننتظر ونتوقع أن يزداد يوماً بعد يوم التناقض الطبقي والصراع بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة في المجتمعات الاوروبية الصناعية التي تطوّرت فيها الآلة تطوراً كبيراً، كان من المفروض أنّ هذه المجتمعات كإنجلترا والولايات الأمريكيه المتحدة وفرنسا وألمانيا يشتدّ فيها التناقض الطبقي والصراع يوماً بعد يوم، ويتزلزل النظام الرأسمالي المستغِل ويتداعى يوماً بعد يوم. كنا نترقب أن