التناقض بين الإنسان والطبيعة بل هي التناقض الإجتماعي بين الإنسان وأخيه الإنسان. وهذا التناقض الاجتماعي بين الإنسان وأخيه الإنسان يتّخذ على الساحة الاجتماعية صيغاً متعدّدة وألواناً مختلفة، ولكنّه يظلّ في حقيقته وجوهره، يظلّ شيئاً ثابتاً وحقيقة واحدة وروحاً عامة، وهي التناقض ما بين القوي والضعيف، بين كائن في مركز القوة وكائن في مركز الضعف.
هذا الكائن الذي هو في مركز القوة إذا لم يكن قد حُلّ تناقضه الخاص، جدله الإنساني من الداخل، فسوف يبرز لا محالة صيغة من صيغ التناقض الاجتماعي، ومهما اختلفت الصيغة في مضمونها القانوني وفي شكلها التشريعي وفي لونها الحضاري، فهي بالآخرة صيغة من صيغ التناقض بين القوي والضعيف، قد يكون هذا القوي فرداً فرعوناً، قد يكون عصابة، قد يكون طبقة، قد يكون شعباً، قد يكون امّة، كل هذه ألوان من التناقض كلها تحتوي روحاً واحدة، وهي روح الصراع، روح الاستغلال من القوي الذي لم يحلّ تناقضه الداخلي وجد له الإنساني، الصراع بينه وبين الضعيف ومحاولة استغلال هذا الضعيف.
هذه أشكال متعدّدة من التناقض الاجتماعي الذي يواجهه خطّ العلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان، وهذه الأشكال المتعددة ذات الروح الواحدة كلها تنبع من معين واحد، من تناقض رئيسي واحد، وهو ذلك الجدل الإنساني- الذي شرحناه- القائم بين حفنة التراب وبين أشواق اللَّه سبحانه وتعالى.
ما لم ينتصر أفضل النقيضين في ذلك الجدل الإنساني، فسوف يظلّ هذه الإنسان يفرز التناقض تلو التناقض والصيغة بعد الصيغة حسب الظروف والملابسات، حسب الشروط الموضوعية ومستوى الفكر والثقافة. إذن النظرة الإسلامية من زاوية المشكلة التي يواجهها خط العلاقات بين الإنسان وأخيه