ذلك، والالتزام بأنّ العلم الإجمالي صورة إجمالية للواقع، فإنّه مع ذلك لا يكون الواقع منجّزاً بالصورة الإجمالية أصلًا؛ وذلك لأنّها غير طاردةٍ للشكّ الذي هو مناط المعذّرية عقلًا.
وبتعبيرٍ آخر: أنّ انكشاف الشي‏ء والعلم به بوجوده الواقعي لا يزيد على‏ نفس الواقع، وإنّما ينجّز بوجوده الواصل، وفي المقام لم يحرز معلومية الواقع وكونه هو المنكشف بالصورة الإجمالية ليتنجّز، فموجب اكتساب الحكم للتنجّز إنّما هو انكشافه بصورته التفصيلية، ولذا لو لم يكن الجامع في المقام منكشفاً بالصورة التفصيلية لَما تنجّز شي‏ء من أطراف العلم أصلًا.
والحاصل: أ نّه على‏ تقدير تسليم كون العلم الإجمالي صورةً إجماليةً للواقع لا يمكن الالتزام بتنجّز الواقع بها، وكون منكشفيته بها موجبةً لتنجّزه، وإن لم يحرز المكلف كونه منكشفاً بها.
فإن قلت: إنّ منكشفية الواقع بالصورة الإجمالية وإن لم تكن واصلةً بالعلم التفصيلي إلّاأ نّها واصلة إجمالًا؛ للعلم بمنكشفية أحد الطرفين بالصورة الإجمالية.
قلت: ننقل الكلام إلى‏ هذا العلم الإجمالي بمنكشفية أحد الطرفين، فإنّه لا يمكن أن ينجّز الواقع أيضاً، بل إنّما ينجّز الجامع بين منكشفية هذا الطرف ومنكشفية ذاك الطرف.
والذي يدلّ على‏ أنّ منكشفية الواقع بالصورة العلمية الإجمالية لا تكفي لتنجيزه بوجودها الواقعي: أ نّه لو كان وجوب الظهر منكشفاً بالصورة العلمية الإجماليّة بأنّ علم المكلّف إجمالًا بوجوب الظُهر أو الجمعة، ثمّ جرى الأصل المثبت لوجوب الجمعة فإنّه لا إشكال في عدم تنجيز العلم الإجمالي حينئذٍ لوجوب الظهر، مع أ نّه لو قلنا بأنّ منكشفية تكليفٍ بصورته الإجمالية واقعاً يكفي‏