فهو نظير حكمنا على النسبة بأ نّها معنىً حرفي، وعلى المعدوم المطلق بأ نّه لا يُخبَر عنه، فإنّ النسبة ليست نسبةً ولا معنىً حرفياً، بل هي معنىً اسميّ وُضِعَت له لفظة «النسبة»، فعند حكمنا عليه بالحرفية لا يكون هذا الحكم كاذباً، بتوهّم أ نّه مسلّط على مفهوم النسبة لا على واقعها؛ لأنّ الحاضر فيالذهن مفهومها، وهو ليس حرفياً، بل هو حكم صادق؛ لأنّه مسلّط على هذا المفهوم باعتبار فنائه في واقعه وأفراده، فكما أنّ التصديق بحرفيّة مفهوم النسبة الفاني لا يقتضي التصديق بحرفيّة نفس هذا المفهوم كذلك التصديق بالإلزام لا يكون تعلّقه بعنوان المتخصّص الملحوظ فانياً في صرف وجوده؛ موجباً للتصديق بكون الإلزام ثابتاً لنفس عنوان المتخصّص الجامع بين النقيضين.
فاتّضح بما ذكرناه أنّ الصورة العلمية الإجمالية صورة تفصيلية للجامع، ونسبتها إلى الواقع نسبة الكلّي إلى الجزئي، وأ نّها محطّ للتصديق العلمي باعتبار فنائها في أحد أفرادها. فالمقدار المعلوم من متعلّق الإلزام في موارد العلم الإجمالي هو الجامع بين الطرفين، أي عنوان الفعل المتخصّص بما أ نّه فانٍ وحاكٍ عن صرف وجوده، أي بما أ نّه متخصّص، لا بما أ نّه كلّي.
تعلّق العلم بالفرد المردّد:
الثالث من المباني: تعلّق العلم الإجمالي بالفرد المردّد، لا بمعنى أنّ الثابت واقعاً فرد مردّد حتى يقال: إنّه لا مَهيّة له ولا هوية، بل بمعنى أنّ المقدار المنكشف هو هذا، فإنّ الانكشاف لم يتعلّق بأكثر من خصوصيةٍ مردّدةٍ يمكن أن نعبِّر عنها بأ نّها إمّا هذا وإمّا ذاك، فمفاد قولنا: «إمّا هذا وإمّا ذاك» هو المعلوم الإجمالي.
ويرد عليه: أنّ المحذور في دعوى انكشاف الفرد المردّد ليس هو أن