المردّد لا وجود له خارجاً، فكيف يكون معلوماً، حتى يقال: إنّ المردّد وإن لم يكن له وجود خارجاً إلّاأنّ المقدار المنكشف من الوجود الخارجي مردّد، وهو لا يقتضي كون المردّد موجوداً في الخارج بما أ نّه مردّد، وإنّما هو لأجل أنّ ما في الخارج لم ينكشف بتمامه، بل بمقدارٍ مردّدٍ منه، بل المحذور في انكشاف المردّد هو استحالة التردّد في نفس الصورة العلمية؛ لأنّها وجود ذهني.
وحينئذٍ نقول: إنّ ما به يكون الواقع جزئياً ومتخصّصاً- وهو خصوصيته المفردة له- إن كان موجوداً في ضمن الصورة فمعناه انكشاف الواقع المعيّن بتمامه، وإن لم يكن موجوداً ومنكشفاً فمعناه كون المنكشف أمراً كلّياً قابلًا للصدق على كلّ طرف، إذ لم تنكشف الخصوصية التي يكون بها جزئياً، ولا شقّ ثالث، إذ انكشاف خصوصيةٍ مردّدةٍ بين خصوصية هذا الطرف وذاك عبارة اخرى عن كون الصورة العلمية وجوداً للخصوصية المردّدة، وهو محال.
وتجد هذا المعنى في حاشية المحقّق الأصفهاني[1] بعباراتٍ مختلفةٍ في مقام إقامة البرهان على استحالة التردّد في المعلوم، فراجع.
وأمّا أنّ مفاد قولنا: «إمّا هذا وإمّا ذاك» هو المعلوم الإجمالي ففيه: أ نّه إن اريد بتعلّقه بهذا أو ذاك أ نّه متعلّق بهذا فقط أو بذاك فقط رجع إلى كون العلم الإجمالي متعلّقاً بالواقع. وإن اريد أنّ متعلّقه دائماً لا يختلف، وهو عبارة عن- إمّا هذا، وإمّا ذاك- رجع إلى أنّ الصورة العلمية هي إمّا هذا، وإمّا ذاك، وهو محال؛ لأنّ المردّد لا يوجد في الموطنين.
هذا تمام ما وسعني تحقيقه بحسب الفكر القاصر في مقام تصوير العلم الإجمالي وتحقيق المسالك فيه.
[1] نهاية الدراية 3: 89- 90