إنّما تكون بلحاظ الكبرى، فلا يكون تقديم إحدى الجهتين موجباً لِلَغويّتها ليتعيّن تقديم الجهة الاخرى‏.

وعلى هذا فيظهر أنّ التقريب المزبور لجريان أصالة الطهارة في الملاقي لا أساس له؛ لأنّه فرع كون أصل الطهارة في الملاقي في طول أصل الطهارة في الملاقَى‏- بالفتح- ومحكوماً له، وقد عرفت بطلان ذلك.

إلّاأ نّه قد يقال مع هذا: إنّ التقريب المزبور يتمّ أيضاً ببيان: أنّ أصالة الطهارة في الملاقَى- بالفتح- وإن لم تكن حاكمةً إلّاأنّ استصحاب الطهارة في الملاقَى- بالفتح- حاكم بلا إشكال؛ لأنّ المجعول فيه هو الطريقية، فيتعارض مع استصحاب الطهارة في الطرف الآخر أوّلًا، ثمّ تتعارض أصالة الطهارة في الملاقَى- بالفتح- وأصالة الطهارة في الطرف الآخر، واستصحاب الطهارة في الملاقي؛ لأ نّها كلّها في عرضٍ واحد، بناءً على إنكار حكومة أصالة الطهارة في الملاقَى- بالفتح- على الاصول المؤمِّنة في جانب الملاقي، وبعد تساقطها تصل النوبة الى أصالة الطهارة في الملاقي بلا معارض.

إلّاأنّ حكومة الاستصحاب على الاصول الاخرى قابلة للخدشة أيضاً، كما سيأتي تحقيقه مفصّلًا في الجزء التاسع من هذا الكتاب؛ وذلك لأنّ المجعول في باب الاستصحاب ليس هو الطريقية حتى يكون مُلغِياً للشكّ، بل تحريم النقض العملي لليقين بالشكّ تحريماً طريقياً، كما سنوضّح مقام ثبوته وإثباته مفصّلًا في محلّه.

على أ نّه لو فرض كون المجعول هو الطريقية، فلنا بيانات لإبطال الحكومة المدَّعاة، سوف يأتي تحقيقها إثباتاً ونفياً في الجزء التاسع من هذا الكتاب، فانتظر.

الوجه الثالث: ما أفاده المحقّق العراقي‏[1] قدس سره، وهو مختصّ بصورة نشوء

 

[1] نهاية الأفكار 3: 357- 360