وأ نّه لابدّ من العلم بنجاسةٍ فعليةٍ ثابتةٍ في الظرف المتأخّر على كلّ تقدير، فإنّه على كلّ حالٍ المنجِّز إنّما هو العلم بوجوده البقائي في ذلك الظرف، إذ لولا بقاؤه يستحيل مانعيته عن شمول دليل الأصل في ذلك الظرف.
وإنّما أطلنا الكلام في المقام لأنّ التقريب المزبور أمتن التقريبات المذكورة في المقام وأشيعها، فأردنا توضيح المقام بنحوٍ تتّضح جهات الإشكال فيه اتّضاحاً تامّاً، فتدبّر واغتنم، ومنه سبحانه التوفيق إلى فهم كلمات الأكابر.
الوجه الثاني: وهو لا يختصّ بصورة تأخّر العلم بالملاقاة زماناً، بل يشمل صورة التقارن بين العلمين أيضاً، وحاصله: أنّ الأصل في الملاقَى- بالفتح- لمّا كان حاكماً على الأصل في الملاقي فيسقط بالمعارضة مع الأصل في الطرف الآخر في الرتبة السابقة، وحين وصول النوبة الى الأصل في الملاقي لا يكون له معارض في مرتبته فيجري.
وهذا البيان متوقّف:
أولًا: على كون المحذور في جريان الأصل في بعض الأطراف هو المعارضة، لا علّية العلم الإجمالي، وإلّا امتنع جريان الأصل في الملاقي وإن لم يكن له معارض.
وثانياً: على إجداء التأخّر الرتبي في عدم وقوع الأصل الطولي طرفاً للمعارضة مع الأصل في الطرف الآخر.
وثالثاً: على عدم كون الطرف الآخر مجرىً لأصالة الحلّية في نفسه، بناءً على الشبهة الحيدرية المعروفة التي نقلها المحقّق العراقي قدس سره في مجلس بحثه عن سيّدنا الوالد (قدس اللَّه نفسه الزكية)، وسيأتي توضيحها.
ورابعاً: على تسليم الطولية بين أصل الطهارة في الملاقي وأصالة الطهارة في الملاقَى‏، وكون الأول حاكماً على الثاني.