أمّا الأولان فقد سبق تحقيقهما بما لا مزيد عليه، وبيّنّا أ نّه لا أساس للقول بالعلّية، كما بيّنّا أنّ مجرّد طولية أصلٍ ومحكوميته لأصلٍ لا يمنع عن سقوطه بالمعارضة مع معارض الأصل الحاكم عليه.

وأمّا الثالث فملخّص ما ينسب إلى سيّدنا الوالد[1] قدس سره في المقام: أنّ أصالة الطهارة في الملاقي كما يكون في طول أصالة الطهارة في الملاقى- بالفتح- كذلك يكون هناك أصل آخر في طول أصالة الطهارة في الطرف الآخر، وهو أصالة الحلّية فيه، إذ الحلّية فيه من الآثار الشرعية لطهارته، وهذان الأصلان الطوليان- أعني أصالة الحلّية في الطرف الآخر فيما إذا كان قابلًا للحلّية، وأصالة الطهارة في الملاقى- في رتبةٍ واحدةٍ فيتساقطان بالمعارضة.

وهذا البيان قد أورده سيّدنا الوالد على التقريب المزبور لإجراء أصالة الطهارة في الملاقي بعد تسليم مباني التقريب التي أشرنا إلى ابتنائه عليها، بمعنى أ نّها إذا تمّت فيرد على التقريب المزبور ما افيد. وقد اعترف بالبيان المزبور جملة من معاصريه من المحقّقين‏[2]، إلّاأ نّه غير واضحٍ في النظر القاصر، كما سنشير اليه.

وأمّا الرابع فهو من المسلّمات عندهم، إلّاأنّ لمنعه مجالًا واسعاً، بمعنى أنّ التحقيق في النظر القاصر: هو عدم حكومة أصالة الطهارة في الملاقَى‏- بالفتح- على أصالة الطهارة في الملاقي.

وبيان ذلك: أنّ الحكومة إمّا أن تكون بملاك رفع دليل الحاكم لموضوع دليل المحكوم بالتعبّد، كما في الأمارة المجعول فيها الطريقية بالإضافة الى الاصول، ولا يفرق في الرفع المذكور الذي هو ملاك هذه الحكومة بين أن يكون‏

 

[1] نسبه المحقّق العراقي في نهاية الأفكار 3: 362

[2] منهم المحقّق العراقي في نهاية الأفكار 3: 363