لجميع الحصص المتصورة لشرب المائع هو ثبوتها لطبيعيّ الشرب الملغى عنه خصوصيات الحصص من كونها واقعةً في ظرف الاجتناب عن الطرف الآخر، أو في ظرف ارتكابه، وغير ذلك من خصوصيات الأفراد.
وحينئذٍ فالمكلف إذا علم بخمرية أحد المائعين فهو إنّما يحتمل حرمة أصل شرب كلٍّ من المائعين، ولا يحتمل أن يكون الشرب المقيّد بترك الآخر بما أ نّه شرب مقيّد حرام حتى يحكم بالحلّية الظاهرية. وإذن فلا يمكن الالتزام بثبوت الحلّية الظاهرية للشرب؛ المقيّد في كلٍّ من الطرفين، بل لا بدّ من الالتزام بثبوتها لطبيعي الشرب لأنّه هو المحتمل حرمته.
وحينئذ نسأل: أنّ هذه الحلّية الظاهرية الثابتة لطبيعيّ الشرب في كلٍّ من الطرفين هل هي حلّية مطلقة، أو مقيّدة بظرف الاجتناب عن الطرف الآخر؟
والأول- أي أن تكون حلّيةً مطلقةً في كلٍّ من الطرفين- غير معقول؛ لأنّه خلف دعوى التخيير، ويؤدّي إلى المخالفة القطعية.
والثاني- أي أن تكون حلّيةً مقيّدةً بترك الآخر- غير معقولٍ أيضاً؛ وذلك لأنّ المفروض أنّ موضوعها هو طبيعيّ الشرب الجامع بين الشرب الواقع حال ترك الآخر والواقع حال اقتحامه، ومع سعة الموضوع وإطلاقه يمتنع أن تكون الحلّية الظاهرية مقيّدةً بظرف ترك الآخر؛ لوضوح أ نّها لو كانت مقيّدةً بظرف ترك الآخر لاستحال تعلقّها بطبيعيّ الشرب الشامل للشرب حال فعل الآخر، إذ يستحيل أن تكون مؤمِّنةً للمكلف من ناحية الشرب الواقع في غير ظرفها.
والحاصل: أنّ الحلّية الظاهرية إنّما جعلت بداعي التأمين، ومن المعلوم أ نّها إنّما تؤمِّن في ظرف ثبوتها، فإذا فرضنا أنّ ثبوتها مختصّ بصورة ترك الآخر خاصّةً ومع عدم كونها مؤمِّنةً عنه يستحيل شمولها له ولو بالإطلاق.
وإن شئت قلت: إنّ موضوع الحلّية الظاهرية إنّما يعقل إطلاقه لكلِّ حصّة