من هذا الكتاب، وبيّنّا الوجه في بطلان القضية الحينية تبعاً لسيّدنا الاستاذ[1]، فإنّه ذهب إلى ذلك، وإلى أ نّه لا واسطة بين الإطلاق والتقييد، بل الشيء إمّا مطلق، أو مقيّد، ولأجل امتناعها ذهب المحقّق الدواني[2] إلى رجوع لوازم الماهية كلّها الى لوازم الوجود على ما نسب إليه، ولم يتصور كون اللازم لازماً للماهية حين الوجود بحيث لا يكون الوجود مأخوذاً في الملزوم بوجهٍ أصلًا.
والحاصل: أ نّنا نتكلّم على هذا المبنى، فنقول: إنّه تارةً يتكلّم فيما إذا علم إجمالًا بحرمة أحد الفعلين، واخرى فيما إذا علم بوجوب أحدهما، وملاك الجواب وإن كان واحداً إلّاأنّ التعبير عنه مختلف.
أمّا في الأول- كما إذا علم بحرمة شرب أحد المائعين- فمقتضى شبهة التخيير إجراء أصالة الحلّية في كلٍّ من الشُربَين بنحوٍ مخصوص. وحينئذٍ نسأل:
أنّ هذه الحلّية الظاهرية الثابتة لكلٍّ من الشربين بنحوٍ مخصوصٍ: إمّا أن يكون موضوعها هو الشرب بجميع حصصه، أي طبيعيّ شرب المائع المزبور الجامع بين شربه الواقع في عرض شرب الآخر، أو شربه الواقع في حال اجتناب الآخر. وإمّا أن يكون موضوع الحلّية الشرب المقيّد بترك الآخر بحيث تكون هذه الحصّة الخاصّة محكومةً بالحلّية الظاهرية.
والثاني غير معقول؛ لأنّ الشرب الخاصّ المقيّد بترك الآخر ليس مشكوك الحرمة حتى تشمله الحلّية المجعولة في دليلها على عنوان المشكوك؛ لأنّ المحتمل إنّما هو حرمة كلّيّ الشرب، لا حصصه وأفراده بما أ نّها أفراد وحصص خاصّة، إذ الإطلاق إنّما هو رفض القيود، لا الجمع بينها، فمعنى ثبوت الحرمة
[1] محاضرات 5: 364