للترخيص الفعلي القطعي في مخالفة الواقع، فإنّ المكلف عند تركه لكلا الطرفين معاً يكون كلا الترخيصين فعلياً [له‏]، وأحدهما ترخيص في مخالفة الواقع قطعاً، وهو معنى الترخيص القطعي في ذلك.
وإمّا أن يكون المحذور في مجرّد ثبوتها ولو مشروطةً، بحيث لو فرض امتناع اجتماعهما في الفعلية لكان ذات محذور أيضاً، بدعوى أنّ الترخيص القطعي في مخالفة الواقع ولو مشروطاً ممتنع عند العقل، وإن لم يكن منافياً لحرمة المخالفة القطعية وما ينجّزه العلم الإجمالي من الحركة.
فعلى‏ الأوّل- أي إذا قلنا: إنّ المحذور ليس في ثبوت الترخيص في كلٍّ من الطرفين مشروطاً، بل لا مانع من الجمع بين الترخيصات المشروطة، وإنّما المحذور في أنّ هذين الترخيصين المفروضين يمكن تحقّق الشرط لكلٍّ منهما فيكونان فعليّين، وحينئذٍ يتحقّق المحذور وهو الترخيص الفعلي القطعي في الحرام- فنقول: إنّه يمكن جعل الترخيصات المشروطة بنحوٍ من الاشتراط والتقيّد، بحيث يستحيل اجتماعهما في الفعلية وتحقّق الشرط لكلٍّ منها، وذلك فيما إذا فرضنا العلم الإجمالي ذا أطرافٍ ثلاثة، كما إذا علم بحرمة أحد أفعالٍ ثلاثةٍ فإنّه يمكن أن نلتزم في هذا الفرض بثبوت الترخيص في كلّ واحدٍ منها، ولكن مشروطاً بارتكاب أحد الأمرين الآخرين وترك الآخر، ومن المعلوم أ نّه لا يعقل تحقّق الشرط للترخيصات الثلاثة جميعاً لتكون فعلية، كما يظهر بأدنى تأمل، فالترخيصات المشروطة بالنحو المزبور- أي المقيّدة بفعل واحدٍ وترك الآخر- لا يعقل فعلية أكثر من اثنين منها، فلم يلزم الترخيص الفعلي القطعي في مخالفة الواقع.
لا يقال: إنّه إذا كان قد اخذ في موضوع كلٍّ من الترخيصات ارتكاب أحد الأطراف فلا بدّ من فرض مجوّزٍ ومؤمِّنٍ للمكلف يعتمد عليه في اقتحامه لأحد