ثانيها: ما في موضعٍ من نهاية الأفكار[1] من: أنّ الجامع المعلوم بالإجمال في المقام ليس هو الجامع بحيال ذاته، أو بما أ نّه حاكٍ عن مقدار منشئه، بل بما أ نّه مرآة إجمالية للخصوصية الواقعية المردّدة في نظره بنحوٍ تكون نسبته إليها نسبة الاجمال والتفصيل، ومن البديهي أنّ مثل هذا الجامع يسري التنجّز منه إلى الخصوصية الواقعية.

ويرد عليه: أ نّه إن اريد بهذا أنّ الصورة العلمية في المقام صورة شخصية إجمالية لا كلّية، وأ نّه لا فرق في تنجّز التكليف بانكشافه بصورته الشخصية بين أن تكون صورته المنكشفة إجماليةً أو تفصيليةً فمرجعه إلى الوجه الرابع الذي سنذكره، ولا معنى حينئذٍ لتسليم كون المعلوم هو الجامع.

وإن اريد أنّ المعلوم الإجمالي وإن كان هو الجامع إلّاأ نّه هو الجامع المتخصّص، بمعنى أ نّه يعلم بتخصّصه وتعينه، وليس كالجامع الذي يتعلق به التكليف فيسري التنجّز إلى‏ خصوصيته. ففيه: أنّ ما يفترق به الجامع في المقام عن الجامع المأخوذ في متعلّق التكليف ليس إلّاالعلم بمفهوم الخصوصية والتعيّن، لا بواقع الخصوصية، بمعنى أنّ المعلوم أصل تخصّص الجامع، لا حقيقة تخصّصه بالحمل الشائع، حتّى‏ تتنجّز الخصوصية الواقعية.

والحاصل: أنّ المنكشف هو خصوصية الجامع بالحمل الأولي، وهي لا أثر لها، وليست قابلةً للتنجّز، وما هو قابل للتنجّز- أي ما هو خصوصية الجامع بالحمل الشائع- ليست منكشفةً أصلًا.

وإذن فما هو المنكشف من الخصوصية- وهو مفهومها- لا أثر له، ولذا لو فرضنا- ولو محالًا- أنّ الالزام تعلّق بجامعٍ اخذ فيه مفهوم الخصوصية، ولم تؤخذ

 

[1] نهاية الأفكار 3: 47