هذا كلّه، مضافاً إلى أ نّه لو تمّ مبنى السراية بمعنى الانبساط ثبوتاً وإثباتاً لَما اقتضى تنجّز نجاسة الملاقي بالعلم الإجمالي؛ لأنّ انبساط النجاسة على الملاقي من الملاقى وسعة دائرتها واختلاف حدّها لو تعقّلناه فلا يمكن تنجّزه بالعلم الإجمالي؛ لأنّه فرع ملاقاة الملاقي للشيء النجس، فالمعلوم الإجمالي ليس تمام الموضوع للسراية وسعة دائرة النجاسة، بل هو مع فرض ملاقاة الملاقي له، ومن المعلوم أنّ ملاقاة النجس المعلوم بالإجمال ليست معلومةً ولو إجمالًا.
فظهر بذلك النظر في ما أفاده المحقّق النائيني[1]، من: أنّ التنجيس لو كان من جهة السراية لَوجب الاجتناب عن ملاقي طرف الشبهة؛ لأنّ العلم الإجمالي يوجب تنجّز معلومه بتمام مَالَه من الأثر، فكلّ ما يترتّب عليه من أثرٍ على فرض وجوده في أيِّ طرفٍ من الأطراف يتنجّز بالعلم الإجمالي، وحيث إنّ المفروض كون وجوب الاجتناب عن الملاقي من آثار نفس المعلوم بالإجمال على تقدير وجوده في ما لاقاه فمقتضى العلم الإجمالي هو ترتيب ما للنجاسة من الأثر، فيجب الاجتناب عن الملاقي أيضاً.
ووجه النظر: أنّ العلم الإجمالي- كما افيد- إنّما ينجِّز الآثار التي يكون المعلوم الإجمالي تمام الموضوع لها، بمعنى أ نّه إذا علم بنجاسة الإناء الأبيض أو الأصفر- مثلًا- فأيّ أثرٍ يكفي في وجوده مجرّد تحقّق النجاسة المعلومة بالإجمال في الأبيض يتنجّز، وأمّا إذا كان مجرّد وجودها في الأبيض، لا يكفي، بل يحتاج إلى تحقّق أمرٍ آخر ليتحقّق الأثر فلا يتنجّز الأثر أصلًا، والمقام من هذا القبيل، فإنّه لو فرض ملاقاة الثوب للإناء الأبيض لا يكون مجرّد انطباق النجاسة المعلومة بالإجمال على الأبيض كافياً في وجوب الاجتناب عن الثوب، بل
[1] أجود التقريرات 2: 259، وفوائد الاصول 4: 42