وقد بنيت المسألة على القول بالسراية بمعنى التوسّع والانبساط، وعدمه.

فعلى الأول نجاسة الملاقي هي بنفسها نجاسة الملاقى‏- بالفتح- التي تنجّزت بالعلم الإجمالي، فلا تكون مجرىً للأصل المؤمِّن، بخلافه على الثاني.

والتحقيق: أنّ السراية بمعنى انبساط النجاسة وتوسّعها أمر مستحيل، بناءً على الصحيح من أنّ النجاسة حكم شرعيّ واعتبار مولوي فإنّ الاعتبار يتشخّص بمتعلّقه، ولا يعقل توسّع متعلّقه ولا تضيّقه، إذ هو خلاف تشخّصه في افق الاعتبار بأطرافه ومشخّصاته.

فما ذكره المحقّق العراقي‏[1] قدس سره وغيره‏[2] من: أنّ نجاسة الملاقي يمكن أن تكون لمحض التعبّد الشرعي، ويمكن أن تكون من جهة السراية بمعنى الاكتساب، بأن تكون نجاسة الملاقي ناشئةً عن نجاسة الملاقى‏- بالفتح- ومسبّبةً عنها نشوء حركة المفتاح من حركة اليد، ويمكن أن تكون نجاسته من السراية بمعنى الانبساط، بأن تكون الملاقاة منشأً لاتّساع دائرة نجاسة الملاقى‏ وانبساطها الى الملاقي، بحيث تكون نجاسته عين نجاسته، ممنوع؛ لأنّ نفس النجاسة لا يتصور فيها السريان والاتّساع؛ لكونها اعتبارية.

ومنه يظهر الإشكال في السراية بمعنى إيجاب الملاقاة لعلّية نجاسةٍ لنجاسة، كما اختاره، فإنّ العلّية والاكتساب لا يتصور في الامور الاعتبارية القائمة كلّها بالمعتبر قيام الفعل بفاعله، أو المعلول بعلّته. نعم، كون نجاسة الملاقى‏- بالفتح- معدّةً لصدور اعتبارٍ آخر من المعتبر بنحوٍ من معاني الإعداد أمر معقول.

وبعد عدم معقولية السراية بكلا معنييها لا حاجة إلى التكلّم في مقام الإثبات.

 

[1] نهاية الأفكار 3: 353- 354

[2] كالمحقّق النائيني في أجود التقريرات 2: 257، وفوائد الاصول 4: 41- 42