وجوده، وإلّا لزم كون الشي‏ء محقّقاً لشرط وجوده، وهو محال، وهذا بخلافه في سائر موارد العلم الإجمالي فإنّه لا يكون فيها جريان أصالة الإباحة في أحد طرفيه مانعاً عن تنجيز العلم الإجمالي وموجباً لانحلاله.
والحاصل: أنّ عدم جريان الإباحة في المائع في المقام من مبادئ تنجّز العلم الإجمالي، فهو في مرتبةٍ سابقةٍ على تنجّزه ككلِّ شرطٍ بالنسبة إلى مشروطه، بمعنى أ نّه لا بدّ أن يثبت في‏المرتبة السابقة على تنجّزه عدم جريان الأصل في المائع، وفي هذه المرتبة السابقة لا مانع من جريان الأصل أصلًا، فتدبّره فإنّه دقيق.
ويرد عليه ثانياً: أنّ لازم ما ذكره في الصورة الاولى من الأخذ أوّلًا بالمدلول الالتزامي لدليل الأصل التنزيلي، وبتعبيرٍ آخر: بمدلول الإطلاق فيه من ثبوت وجوب الحجّ، ثمّ يؤخذ بالمدلول المطابقي له وهو الترخيص في طرفه، محذور لا يلتزم به أحد.
وتوضيح ذلك: أ نّه لو فرض أنّ وجوب الحجّ مترتّب على عدم الدين واقعاً وكانت قد تواردت على المكلّف كلتا الحالتين: من ثبوت الدَين في زمانٍ، وعدمه في زمانٍ ويشكّ في المتأخّر منهما فإنّه لا إشكال من أحدٍ- بناءً على جريان الاستصحاب في نفسه في المقام- في وقوع المعارضة بين استصحاب الدَين واستصحاب عدم الدَين، مع أنّ لازم ما ذكره أن يكون استصحاب الدَين حاكماً على استصحاب عدم الدَين.
وتحقيق ذلك: أنّ موضوع كلٍّ من استصحاب عدم الدَين واستصحاب وجوده هو الشك في الدَين، ولاستصحاب عدم الدَين اقتضاءان ومدلولان:
أحدهما مدلول مطابقيّ وهو نفي الدَين، والآخر مدلول ثابت بإطلاق التنزيل بلحاظ الآثار وهو وجوب الحجّ، ولا بأس بتسميته بالمدلول الالتزامي. وبناء